نشر موقع “الخليج أونلاين” تقريراً تحت عنوان: “كيف تسعى “إسرائيل” لسرقة ثروات قطاع غزة؟”، وجاء فيه:
يتمتع قطاع غزة بثروات وموارد طبيعية ذات قيمة اقتصادية كبيرة تكفي لسد احتياجاته، ولكن وجود الاحتلال الإسرائيلي يعيق استغلال هذه الموارد والاستفادة من عوائدها.
وفرضت إسرائيل العديد من القيود والمعوقات التي تحد من تحقيق الاستقلال الاقتصادي والتنمية المستدامة في غزة، التي تطل سواحلها على ثروة غازية تُقدر بمليارات الدولارات.
ثروات هائلة
وتمثل هذه الثروة محط اهتمام بالنسبة لإسرائيل التي تسعى جاهدة للاستفادة منها على مدى السنوات الماضية.
وأكدت الأمم المتحدة، في وقت سابق، أن “الأرض الفلسطينية المحتلة تقع فوق خزانات كبيرة من ثروة النفط والغاز الطبيعي، في المنطقة (ج) من الضفة الغربية المحتلة وساحل البحر المتوسط قبالة قطاع غزة“.
وفي الوقت نفسه، تشهد الساحة تنافساً شديداً بين شركات الطاقة الغربية، الراغبة في استغلال هذه الموارد الطبيعية الضخمة.
ووفقاً لمصادر رسمية فلسطينية، تحتوي غزة على مخزون نفطي هائل يُقدر بمليارات البراميل، بالإضافة إلى احتياطي غاز يُقدر بمليارات الأمتار المكعبة.
ومع ذلك، فإن كل هذه الموارد تخضع للسيطرة الإسرائيلية، حيث يتم تحديدها واستغلالها وفقاً لمصالح الاحتلال.
وأوضح تقرير نشره المركز الفلسطيني للإعلام، في تموز 2023، أن سواحل قطاع غزة تضم أكثر من حقل للغاز الطبيعي، من بينها حقل “غزة مارين” الذي يُعتبر أول حقول الغاز التي تم اكتشافها على سواحل القطاع عام 1999.
وفي عام 2000، أعلنت شركة “بريتيش غاز” (BG)، وهي المخولة بالتنقيب عن الغاز، للفلسطينيين أنها اكتشفت حقلين غنيين بالغاز الطبيعي يقعان على بعد حوالي 36 كيلومتراً من شواطئ القطاع.
ويُقدَّر احتياطي الحقلين “غزة مارين 1 و2” بنحو 1.4 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، وهو يعادل حوالي 3.1 مليارات متر مكعب، ويتسم بقيمة إجمالية تُقدر بنحو 4.2 مليارات دولار، وفقاً لأسعار شهر نوفمبر الماضي.
ويُشير الخبراء إلى أن هذا الاحتياطي يكفي لتلبية احتياجات الضفة الغربية وقطاع غزة لمدة تصل إلى 25 عاماً، بالإضافة إلى إمكانية التصدير من هذه الموارد الطبيعية.
الاحتلال يعيق استثمار الثروات
وبالرغم من أن جميع الأنظمة والاتفاقيات الدولية تحفظ للفلسطينيين حقهم في استغلال مواردهم الطبيعية، لكن كيان الاحتلال المسيطر على حدود غزة تعيق ذلك.
وتفرض إسرائيل قيوداً كبيرة على استغلال حقلي الغاز في غزة، كما تفرض شروطاً تتعلق بنقل الغاز من الحقل إلى محطة تسييل الغاز في عسقلان، ومن ثم توزيعه إلى قطاع غزة والضفة الغربية أو أي مكان آخر.
بالإضافة إلى ذلك، تمنع “إسرائيل” بشكل صارم إنشاء البنية التحتية الضرورية وأنابيب نقل الغاز إلى اليابسة، مما يعيق بشكل كبير إمكانية الاستفادة الكاملة من ثروات الغاز الطبيعي في هذه المنطقة.
ومنذ اكتشاف حقل مارين عام 2000، بدأت “إسرائيل” بالاستحواذ عليه عام 2004 حتى جففته تماماً عام 2011، بحسب تقرير المركز الفلسطيني للإعلام.
والحال ينطبق على حقل “نوا” الذي تم اكتشافه عام 1999، حيث بدأت “إسرائيل” باستغلال الغاز منه عام 2012، ووصلت توقعات مخزون الغاز بداخله إلى نحو 3 تريليونات قدم مكعبة.
مشاريع مغتصبة
تواصل السلطات الإسرائيلية سياساتها من أجل تعزيز السيطرة على حدود قطاع غزة، من خلال تدمير أي مشروع اقتصادي ينعش نفوس الغزاويين ويسمح لهم بالعيش حياة كريمة.
وافتتح الرئيس السابق ياسر عرفات أول مطار فلسطيني في غزة في 24 تشرين الأول عام 1998، وهو ما فتح الآفاق أمام عصر فلسطيني جديد مبشر، لكن تلك الآمال بددتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي بعدما قصفته وحولته إلى ركام عام 2001.
يتحدث الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي عن أهم الثروات في قطاع غزة، والتي تتمثل بأولى حقول شرق المتوسط المكتشفة، وهي حقل “مارين1” و “مارين2″، والتي تقع على مسافة 35 كم فقط من الساحل الفلسطيني.
ويؤكد لـ”الخليج أونلاين” أن “هذا الحقل ذو جدوى اقتصادية أكبر، لأن استغلال الغاز فيه كان سيتم خلال مدة بسيطة لا تتجاوز سنة ونصف سنة”.
ويشير الشوبكي إلى أن “هناك حقولاً أخرى قريبة استحوذت عليها “إسرائيل” في المنطقة، سواء من المياه الإقليمية الفلسطينية أو حتى المصرية، مثل حقل (نوا) وحقل (أور) و(مارين بي)”، موضحاً أن “كل هذه الثروة من الغاز الطبيعي كانت من حق السلطة الفلسطينية وسكان غزة، حيث نصت اتفاقية أوسلو على أن أصحاب الأرض لهم حق امتلاك المشاريع الاقتصادية في المياه الفلسطينية”.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن “المطار الدولي في غزة الذي دمره الاحتلال، والذي كان من الممكن أن يستغله القطاع لتنمية صادراته، فضلاً عن مشاريع الطاقة الكهربائية التي حُرم القطاع من التوسع فيها، لكي يبقى يحصل على أكثر من 60% من طاقته من الاحتلال الإسرائيلي”.
ويضيف الشوبكي أن “هناك ثروات ومشاريع أخرى حُرم القطاع من استغلالها، مثل مشاريع تحلية المياه، والثروة المعدنية، والثروة المحجرية وغيرها”.
ويستطرد: “استغلال الغاز الفلسطيني كان سيورد للسلطة الفلسطينية من 600 – 800 مليون دولار سنوياً، أي 6 – 8 مليارات كل عشر سنوات، وأيضاً سيوفر لقطاع غزة إيرادات كافية من دون الحاجة إلى دعم يساعدها على التنمية في المجالات كافة الصحية والتعليمية والزراعية وغيرها”.
خطط الاحتلال المستقبلية
وحول الموقف الدولي، يوضح الشوبكي أن “جميع المواثيق الدولية وحتى بعض قرارات الأمم المتحدة تشير إلى ضرورة استغلال صاحب الأرض لثرواته الاقتصادية، وكان ذلك واضحاً لحق الفلسطينيين في استغلال ثرواتهم على شاطئ غزة وفي الداخل الفلسطيني، لكن الاحتلال كان دائماً يحول دون ذلك”.
ويضيف: “الاحتلال يمتلك خططاً كانت مؤجلة للتوسع في هذه الأراضي، ويتضح ذلك من خلال العدوان الإسرائيلي الحالي وآلة القتل المميتة المستخدمة في غزة، حيث إن هناك نية واضحة لتهجير سكان القطاع”.
ويتابع القول: “أعتقد بأن هذا هو هدفه الأكبر لاستغلال ثروة الغاز بشكل كامل على سواحل غزة من ناحية، ومن ناحية أخرى لاستكمال بعض المشاريع الاقتصادية، مثل الممر الاقتصادي الذي سيربط الهند عبر الشرق الأوسط إلى أوروبا”.
ويشير الشوبكي إلى “احتمالية وجود نوايا لدى الاحتلال بتغيير مسار أو إنشاء قناة بديلة لقناة السويس تسمى قناة بن غوريون، تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط عند سيطرة الاحتلال على قطاع غزة بالكامل، وسيكون ممراً ملاحياً بحرياً أقل كلفة ومسافة على “إسرائيل“”.
كذلك، يرى في هذا الصدد أن “الاحتلال لديه خطط مستقبلية يسعى من خلالها للسيطرة الجغرافية على قطاع غزة، بهدف الاستحكام من ثرواته، سواء من الغاز أو الثروات الأخرى، وأيضاً على موقع القطاع المهم”. (الخليج أونلاين)