هدايا” مستحيلة من الحكومة الى اللبنانيين… حتى إشعار آخر

أصدرت وزارة الاتصالات مذكرة تقضي بإعادة وصل الاشتراكات الهاتفية المقطوعة، وبعدم قطع خطوط المشتركين المتخلّفين عن الدفع في مناطق جنوبية تتعرّض للقصف الاسرائيلي، حتى إشعار آخر. 

هذا جيّد، ومن أبسط واجبات الدولة. ولكنّها خطوة تفتح أبواب الجحيم على الحكومة التي تبدو قادرة على فعل كذا وكذا في بعض الأوقات، وعاجزة عن “تحريك إبرة” في أوقات أخرى. وهو ما يُثبت أن القدرة على التحرّك واتّخاذ القرارات والعمل، وعدم القدرة على ذلك، هو قرار قبل أي شيء آخر، وبعيداً من الأزمة الاقتصادية.

وفي تلك الحالة، لماذا لا تقوم الحكومة بخطوات لكلّ أبناء شعبها، خلال بعض أوقات السنة على الأقلّ، وكهدايا مثلاً،

تكون من مستوى تخفيضات ربما على بعض فواتير الكهرباء، والاتصالات، والمياه… ولو بنسبة 20 أو 30 في المئة؟

وهل هذا “يكسرها”، و”يهدّ ظهرها” الذي لا همّ له سوى تأمين رواتب فوائض وفوائض الفوائض، في القطاع العام؟

وإذا كان الهمّ الدائم والمانع لتقديم مثل تلك الهدايا الى كل اللبنانيين من حين الى آخر، هو تأمين المدفوعات ورواتب العاملين في القطاع العام… فمن سيعوّض عليها (الدولة) ما ستخسره من جراء عدم قطع خطوط المشتركين المتخلّفين عن الدفع جنوباً؟

وماذا لو طالت مدّة الحرب أكثر، وباتت الحكومة مُلزَمَة بإعفاء أهالي مناطق جنوبية كثيرة من فواتير الكهرباء، والمياه… وغيرها من الضرائب أيضاً؟ هل ستمدّ يدها الى جيوب شعبها في مناطق أخرى، بزيادة نِسَب الضرائب عليهم، ورفع أرقام فواتيرهم؟

شدّد رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو على “أننا ضدّ أي سياسات عشوائية تقوم بها الدولة من حين الى آخر، ويكون الهدف منها رفع غضب الناس عنها وعن غيابها”.

ودعا في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى “وضع خطط وسياسات شاملة ومُناسِبَة للظروف في مدى بعيد، وليس لـ ” لطشات” على الطريقة اللبنانية. فمن يفشل في معالجة الملفات الكبرى لن ينجح في الصّغرى. وبالتالي، نحن ندعم خطوة وزارة الاتصالات أخلاقياً وبما يخصّ أهالي الجنوب، ولكن الدولة مُلزَمَة بإيجاد سياسات متكاملة تعوّض غيابها شبه الكامل عن مآسي الناس كلّهم، وعن معالجة الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يزيد مخاوف اللبنانيين من كل شيء”.

وأكد برو أن “أي مجتمع يكون ضعيفاً اقتصادياً، ينعكس ذلك على زيادة مخاوفه، وعلى صعوبة انخراطه في العمل الوطني العام. وتلك الهشاشة تجعله عرضة للتلاعب به. وبالتالي، نحن مع معالجة جذرية للأوضاع الاقتصادية والمالية، وإلا تفقد الدولة مبرّر وجودها، ولا تعود هناك حاجة للمسؤولين ولا لمئات الآلاف من الموظّفين في الإدارات العامة، إذا كانوا غائبين عن واجباتهم. وتقويم الأحوال، ووضع الأمور في نصابها هو من مسؤولية السلطة طبعاً”.

وأضاف:”عندما تتحوّل الوظيفة العامة الى منافع كما باتت عليه الأحوال في لبنان، وعندما تتخلى السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية عن مهامها وتندثر، تُصبح كل باقي الخطوات غير كافية للبلد، ومهما كانت صحيحة”.

وختم:”أحزاب الطوائف التي تسيطر على لبنان بسياساتها هي خطر عليه. وبالتالي، هذه الخطوة المتواضعة يستحقّها أهالي الجنوب الذين يدفعون كل الأثمان بدمائهم ومنازلهم وأرزاقهم، ولكنها ليست صكّ براءة لسلطة باتت تشكل خطراً على المجتمع اللبناني”.

أنطون الفتى – وكالة “أخبار اليوم”

Exit mobile version