” أصدرت محكمة التمييز الغرفة الثامنة المؤلفة من الرئيس ماجد مزيحم (منتدباً) والمستشارين كاتيا بو نقول وإيفون أبو لحود، في سابقة قضائية قرارها بإدانة المدّعى عليه القاضي شادي محمد رشيد قردوحي بالجرم المنصوص عنه في المادة 385/386 عقوبات وحبسه لمدة سنة واحدة ووقف تنفيذ العقوبة المقرّرة بحقّه وفقاً لأحكام المادة 169 عقوبات.
وجاء في القرار: أنه في الأراضي اللبنانية وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن أقدم علناً بواسطة وسيلة نشر على توجيه الذم إلى محكمة الجنايات في جبل لبنان. الجريمة المنصوص عليها في المادة 385/386 من قانون العقوبات معطوفة على المادة 209 منه.
أما في الوقائع:
ففي تاريخ 4\11\2021 في مبنى سجن رومية وأثناء انعقاد جلسة لمحكمة جنايات جبل لبنان المؤلّفة من القضاة كمال نصار رئيساً ونضال الشاعر والمدّعى عليه شادي محمد رشيد قردوحي مستشارين وفي الدعوى المقامة من الحق العام بوجه المدعو موسى حمية ورفاقه طلب المدعى عليه من رئيس الهيئة طرح مجموعة من الأسئلة فاستجاب هذا الأخير وطرح على المتّهم الماثل أحد الأسئلة دون الأسئلة الأخرى طالباً من وكيلة المتّهم عما لديها من أسئلة، عندها اعترض القاضي المدعى عليه على الأمر وطلب تدوين تنحيه عن النظر بالدعوى بعدها حصل جدل بين القاضي المدعى عليه ووكيلة المتّهم فترك المدعى عليه قوس المحكمة وغادر المحلة مما حمل رئيس المحكمة على تأجيل الجلسات والطلب من دوريات السوق إعادة الموقوفين إلى أماكن توقيفهم.
وبعد إنقضاء فترة زمنية قصيرة على مغادرته قاعة المحاكمة نشر المدعى عليه القاضي محمد شادي قردوحي على مواقع التواصل الإجتماعي (الفايسيوك) مدونات “نسب فيها للقضاة كمال نصار ونضال الشاعر أنهما يميزان بين الضعيف والنافذ وأن القضاء في موت سريري وأنه أي المدعى عليه يدعو إلى ثورة قضائية بوجه الفاسدين في القضاء وأنه يوجد متهمون محكومون أشرف من بعض القضاة”.
على الأثر تقدم القاضيان كمال نصار ونضال الشاعر بكتاب إلى حضرة الرئيس الأول الإستئنافي في جبل لبنان لإعلامه بالأمر، كما تقدم المدعي القاضي نضال الشاعر بكتاب مماثل إلى الرئيس الأول التمييزي الذي تولى بدوره وبعد عرض الموضوع على مجلس القضاء الأعلى إبلاغ النيابة العامة التمييزية بنسخة عن كتاب المدعي القاضي نضال الشاعر ومرفقاته.
وبالتحقيق مع المدّعى عليه من قبل المحامي العام التمييزي القاضي صبوح سليمان أكد المدعى عليه أن ما أورده علناً على وسائل التواصل الإجتماعي هو نتيجة تراكم معلومات لديه عن تصرفات وتجاوزات خطيرة تحصل ضمن دائرة بعبدا القضائية وأنه مقتنع به كلياً ويتمسك برأيه، وأضاف المدعى عليه أن مغادرته قوس المحاكمة أثناء جلسة المحاكمة حصل بسب امتناع الرئيس عن تمكينه من استجواب المتهم ولأنه قبل بدء الجلسة عارض بإخلاء سبيل المتهم موسى حمية وأنه خلال الجلسة ورد على لسان المتهم كلام يرتبط بجرم قتل فحصل جدل حول مضمون كلامه الأمر الذي حمل المدعى عليه على عرض التنحي مما استتبع جدلاً مع وكيلة المتهم طلب على أثره توقيف هذه الأخيرة ولما لم يستجب لطلبه غادر قاعة المحاكمة.
وبالإستماع إلى إفادة المحامي العام الإستئنافي في بعبدا القاضي نازك الخطيب كونها كانت تمثل النيابة العامة في جلسات محكمة الجنايات في بعبدا ذاك اليوم أدلت هذه الأخيرة أن ما أورده المدعى عليه لجهة إغفال إعتراف صدر عن لسان متهم غير صحيح ، وان مجريات المحاكمة والأدلة بحق المتهم موسى حمية كانت توشي بتورط هذا الأخير وأن رئيس المحكمة أعطى المدعى عليه دوراً لطرح الأسئلة إلا أن هذا الأخير عرض التنحي عندما لم يعط مجدداً الدور لطرح المزيد من الأسئلة ومن ثم غادر المدعى عليه قاعة المحاكمة بعدما لم يستجب لطلبه توقيف وكيلة المتهم على أثر جدل بينهما بسبب عرض التنحي.
وبتاريخ 17\11\2022 تقدم المدعى عليه القاضي شادي قردوحي ممثلاً بوكلائه القانونيين بمذكرة دفوع شكلية طلب إعلان عدم صلاحية المحكمة للنظر بالدعوى لعدم وضع اليد عليها أصولاً ، طلب وكيل المدعي ضمها للأساس وأبرز إثني عشرة مستنداً هي عبارة عن تغريدات صادرة عن المدعى عليه منشورة على الفايسبوك تضمنت كون المدعي هدده بنفسه وأولاده إن لم يتخذ المدعى عليه موقفاً محدداً في أمر معروض على المحكمة المؤلفة منهما كمستشارين كما تضمنت تعرضاً للمدعي في أمور أخرى، فقررت المحكمة ووفقاً لرأي النيابة العامة التمييزية وفي جلسة المحاكمة ضم البت بالدفع إلى أساس النزاع و إحالة الأوراق إلى النيابة العامة التمييزية للإطلاع وإبداء الرأي.
وحيث أنه لناحية الحقوق الشخصية والتعويض عن الضرر اللاحق بالمدعي، تبين أن هذا الضرر الناتج عن فعل المدعى عليه يتسم بالضرر المعنوي الذي يتعذر موازاته مادياً بأي مبلغ مالي يحكم به للمدعي، علماً أن الحكم الحالي عله يشكل نوعاً من التعويض للمدعي ودحض كتابات المدعى عليه فإنه تبعاً لما سبق، ولكون المدعي تنازل عن التعويض لصالح صندوق تعاضد القضاة فإن هذه المحكمة ترى تحديد هذا التعويض بمبلغ عشرين مليون ليرة لبنانية لصالح هذا الصندوق. وحيث أنه تبعاً لكل ما تقدم لم يعد ثمة حاجة للبحث في الأسباب والمطالب الزائدة أو المخالفة لعدم الجدية والجدوى.
وبعد الإستماع إلى مطالعة النيابة العامة التمييزية. قررت المحكمة بالإجماع:
أولاً: إدانة المدعى عليه القاضي شادي محمد رشيد قردوحي بالجرم المنصوص عنه في المادة 385/386 عقوبات وحبسه لمدة سنة واحدة ووقف تنفيذ العقوبة المقررة بحقه وفقاً لأحام المادة 169 عقوبات.
ثانياً: إبطال التعقبات الجارية بحق المدعى عليه شادي قردوحي لجهة الجرم المنصوص عنه في المادتين 582و 584 عقوبات لإستغراق فعله بجرم المادة 385/386 عقوبات وعملاً بأحكام المادة 181 عقوبات.
ثالثاً: إبطال التعقبات الجارية بحق المدعى شادي قردوحي لجهة579 عقوبات لعدم تحريك الدعوى العامة أصولاً بشأنه، وإبطال التعقبات الجارية بحقه لجهة الجرم المنصوص عنه في المادة 403 عقوبات لعدم توافر عناصره.
رابعاً: إلزام المدعى عليه شادي قردوحي بأن يدفع لصالح صندوق تعاضد القضاة في لبنان مبلغاً وقدره عشرون مليون ليرة لبنانية.
خامساً: رد سائر الأسباب والمطالب الزائدة أو المخالفة.
سادساً: تدريك المدعى عليه الرسوم والمصاريف كافة.