يصحّ القول إن العلاقة بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” لم تعد كما كانت في السابق، وربما لن تعود كما يشتهي البعض، فالظروف اختلفت والحسابات تغيّرت والمستقبل مظلم لا يمكن التنبؤ به، وبما سيحمله من تغييرات خارجية وداخلية.
حلقة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في مسلسل الخلاف الطويل بين الحليفين، لكن الأكيد أن أياً من هذه الحلقات لن تؤدي إلى قطيعة دائمة بين الطرفين. بصريح العبارة “لا أحد منهما يستطيع الإستغناء عن الآخر” مهما خرج صوت الخلاف إلى العلن. حاجتهما لبعضهما تفوق أي اعتبار آخر.
على رئيس “التيار” جبران باسيل، إدراك أن لا شيء يدوم إلى الأبد، وأن “حزب الله” لم يعد فانوساً سحرياً يُحقق أحلام باسيل ويخوض له معاركه السياسية وغير السياسية، وإذا كان باسيل فعلاً مقتنعاً بهذا التحالف أو التفاهم مع الحزب، عليه التوقف عن إحراج الحزب ووضعه تحت نيران الحروب التي يخوضها وآخرها بوجه قيادة الجيش.
ولحسم الجدل حول العلاقة بين حارة حريك وميرنا الشالوحي، وخصوصاً بعد التمديد للجنرال عون وما نتج عنها من تصريحات “عونية” مناهضة للحزب، تؤكد المعلومات أن لا قطيعة بين الطرفين ولكن العلاقة أصبحت على “القطعة”، لا أحد من الجانبين يلتزم بأجندة الآخر ولا يخوض معاركه.
وتؤكد المعلومات أن العلاقة بين “التيار” و”حزب الله” قائمة ومستمرة وكل طرف يعرف ظروف الطرف الآخر، والنقد في الإعلام لن يتحول إلى مخاصمة في السياسة.
ما لا يعرفه كثيرون هو أن الحزب لم يسهّل عملية التمديد للقائد، إنما لم يستطع أن يمنع حصولها. التمديد كان رغبة العديد من القوى وتحديداً حلفاء الولايات المتحدة الأميركية، لكن الحزب أيضاً لا يريد حرباً مع جوزيف عون، وله مصلحة بإعادة إحياء الحياة التشريعية عبر مجلس النواب، ثم إن معارضي التمديد أي “التيار” لم يطرحوا بدائل تقبل بها الغالبية المطلقة التي حضرت إلى البرلمان.
منذ البداية، “حزب الله” كان يريد التوافق في ملف قيادة الجيش، لكنه لم يستطع أن يصل إلى النتيجة المرجوة، فانتصر خيار التمديد باللعبة الديمقراطية. ثم أن الحزب لا يرغب بفتح معركة بوجه قيادة الجيش في ظل ما يشهده قطاع غزة وجنوب لبنان.
أمّا في الرئاسة، فالحزب ما زال على موقفه وفي حالة إنتظارية لما ستؤول اليه الأمور. التمديد لقائد الجيش أزاح عن كاهله آخر الضغوط التي كان من الممكن أن تستعجل الإستحقاق. أمّا وأن الأمور قد انتظمت في الجيش وقوى الأمن وقبلها في مصرف لبنان والأمن العام، فلا شيء يستدعي أن يتساهل في معركة شدّ الحبال التي تجري على صعيد رئاسة الجمهورية، وهو قد يكون أكثر الأطراف الداخليين تأثراً بمجريات حرب غزة وما سينتج عنها من معادلات أمنية وسياسية، ممّا يجعله محتاجاً إلى المزيد من الوقت.
وفي ما يخصّ العلاقة مع “التيار”، قد يكون سيناريو التمديد لقائد الجيش بمثابة محاكاة لأحد السيناريوهات المتوقعة للرئاسة، أي أن تحصل تسوية يقرّر “التيار” البقاء خارجها فيما لو كان المستفيد منها العماد عون أو سليمان فرنجية، ما يعيد إنتاج سيناريو التصويت نفسه في حال إختيار الأول، أي بمشاركة الرئيس بري و”قبّة باط” من الحزب، أو بمشاركة كاملة من الثنائي في حال وقع الإختيار على الثاني.
وفي كلتي الحالتين، ستكون علاقة التيار” بالحزب أمام مرحلة مختلفة وصعبة، إلاّ في حال قرر “التيار” الدخول في إحدى التسويتين.