هل زالت المخاوف المسيحية على المواقع القيادية رغم استمرار الشغور الرئاسي؟ سؤال يتمّ تداوله في حلقات النقاش السياسي في الأوساط السياسية المسيحية، بعد إقرار التمديد لرؤساء الأجهزة الأمنية، الذي أتى في ظل مخاوف مسيحية من وجود مخططٍ لاستهداف المواقع المسيحية الأساسية في الدولة تمهيداً لإرساء أمر واقع يهدف إمّا لاستبعاد المسيحيين وإلزامهم بمثالثةٍ ما، وإمّا الإتيان برئيس جمهورية من دون أن تكون له أي سلطة على مواقع مسيحية يكون قد تمّ تعيينها من قبل الفريق الممانع الحاكم والممسك بمفاصل الدولة.
وهنا، تبدي الأوساط المسيحية التي تدور في فلك بكركي، ارتياحها لاستمرار قائد الجيش العماد جوزيف عون في موقعه، كما أبدت ارتياحها أيضاً لأن الوضع الأمني سيبقى مبدئياً مضبوطاً في ظل القيادة العسكرية الحالية، علماً أن المخاوف المسيحية، لم تكن تقتصر على المواقع، بل كانت على البلاد، إذ كان الهدف من إسقاط التمديد، ضرب الإستقرار وإفقاد اللبنانيين، وبشكل خاص المسيحيين، آخر مساحة إستقرار في لبنان.
ولذا، تأمل الأوساط المسيحية نفسها، أن يكون ما تحقّق على مستوى التمديد، قابلاً للإنسحاب على استحقاق رئاسة الجمهورية، التي تشكّل الضمانة الأساسية للدور المسيحي على مستوى رأس الدولة في لبنان، وخصوصاً أن الإنتخابات الرئاسية، وفي حال حصولها، لا بدّ أن تعيد الإنتظام إلى المؤسسات على الأصعدة كافةً، كما تعيد تفعيل العمل المؤسساتي، وتشكل ارتياحاً وطنياً واستطراداً مسيحياً، لعودة الموقع المسيحي الأول إلى سابق عهده.
وانطلاقاً ممّا تقدم، ترتدي المبادرة الرئاسية التي يستعد لإطلاقها رئيس مجلس النواب نبيه بري، طابعاً شديد الأهمية، كونها ستشكل الفرصة الأخيرة من أجل “استلحاق” الإستحقاق الرئاسي، لا سيّما وأن القلق المسيحي من الإستهداف المستمر لموقع الرئاسة الأولى عبر الشغور الطويل الذي يسبق كل عهد جديد، تزامناً مع التغييب المتعمّد لرئاسة الجمهورية، يتنامى رغم الآمال المعلّقة اليوم على بداية العام الجديد، التي قد تشكّل فرصةً لانطلاق دينامية وطنية ومسيحية، تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
لكن هذا المُعطى الذي استجد مع الحديث عن مبادرة رئاسية مرتقبة، قد لا يكون كافياً، على الرغم من تأكيد مقربين من رئيس مجلس النواب نبيه بري، نيته بإعادة الحياة إلى الحوار أو التشاور أو التقاطع بين القوى السياسية على صيغة مقاربة رئاسية جديدة خلال أسابيع معدودة، حيث أن الأوساط تعترف بأنه بعد الأشهر العديدة من الشغور، يبدو واضحاً أن الشغور لن ينتهي بسهولة، لأن الملف الرئاسي لم يعد على طاولة اللبنانيين، وبات على طاولة التسويات التي يستعد الأطراف الإقليميون للتوصل إليها بعد سكوت المدافع في غزة.