تحرير دولار ال15 ألف… “لعب بالنار”
لا يرى الكاتب والمحلِّل الإقتصادي أنطوان فرح، أية ملامح تدعو للتفاؤل على المستوى الإقتصادي والمالي مع انطلاقة العام الجديد، وذلك بالإستناد إلى أن السلطة بشقّيها التنفيذي والتشريعي، التي “لم تفعل أي شيء خلال ال 4 سنوات من أزمة الإنهيار، لن تقوم بأي إنجاز في العام الحالي بالنسبة للخروج من هذا الإنهيار، خصوصاً أن لديها ذرائع إضافية حتى لا تقوم بواجباتها، وأبرزها بقاء الوضع السياسي على ما هو عليه، واستمرار الفراغ الرئاسي وبقاء المجلس النيابي شبه مشلول، والحكومة حكومة تصريف أعمال و شبه مشلولة”.
ويتوقع المحلِّل الإقتصادي فرح في حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، أن تتذرّع السلطة بهذا الوضع لعدم إنجاز القوانين والأجراءات والخطوات الإصلاحية المطلوبة، ضمن خطة إنقاذ شاملة مطلوبة، حيث أن المطلوب أولاً وأخيراً، هو إنجاز خطةٍ للتعافي، وبالتالي، لم يعد يجدي نفعاً القيام بإجراءات بشكلٍ فردي، بمعنى وعلى سبيل المثال، كابيتال كونترول، أو انتظام العمل المصرفي.
ويكشف فرح بأن “الإجراءات التي تُتّخذ من دون الخطة الإنقاذية الشاملة، قد تكون مؤذية أو مضرّة أكثر من عدم اتخاذها”.
وعن خطر الإفلاس مع استمرار الإنهيار وغياب الإنقاذ، يقول فرح إنه “لا يمكننا الكلام عن اقتراب لبنان من الإفلاس، لأن لبنان بالحقيقة أفلس بالعام 2020 رسمياً، صحيح بالمعنى العام الدولة لا تُفلّس، لكن بالمعنى التقني الدولة مفلسة، يعني مثل الشركات عندما تعجز عن دفع ديونها و دفع التزاماتها، فهي تصبح شركة مفلسة، وكذلك الدولة مفلسة لو أن إفلاس الدول لا يشبه إفلاس الشركات، وبالتالي لبنان هو مفلس، لكن الذي حدث في لبنان خلال 4 سنوات، هو أن الدولة لم تقم بواجباتها لجهة الإنقاذ، وأن القطاع الخاص، استطاع أن يؤمن نوعاً من التعويض النسبي لهذا الوضع، وأن يتأقلم إلى حد ما مع الأزمة”.
لكن فرح يستدرك، مشيراً إلى أن الإنكماش الإقتصادي تراجع في العام الماضي، ولولا حرب غزة، كان من الممكن تسجيل نسبة بسيطة من النمو في العام 2024 بغضّ النظر عن إجراءات الدولة بالنسبة لخطة الإنقاذ.
وعن مشروع الموازنة الحالية، يتحدث فرح عن أن لجنة المال قد أدخلت تعديلات جيدة فيها، مؤكداً على أهمية إقرار الموازنة، كمستندٍ تُنفق على أساسه الدولة وتجبي الإيرادات على أساسه أيضاً.
أمّا بالنسبة لتوحيد سعر صرف الدولار، فيكشف فرح أنه “الموضوع الأخطر لأنه من غير المفروض اتخاذ هذا الإجراء إلاّ من ضمن خطة إنقاذية شاملة، لأن إقرار توحيد وتحرير سعر الصرف من دون الخطة الإقتصادية الشاملة، يؤذي البلد، وربما تكون هذه الخطوة إلى حدٍ ما “لعب بالنار، بمعنى أن مصرف لبنان رفع سعر منصة صيرفة ويتّجه إلى توحيد تحرير سعر الصرف، ويستند إلى أن الموازنة تسمح وسوف تفرض هذا الأمر، إنما في الحقيقة، فإن مسؤولية مصرف لبنان ومسؤولية الدولة أن يتخذوا كل الإجراءات المطلوبة لوقف توحيد وتحرير سعر الصرف إلاّ ضمن الخطة الأنقاذية الشاملة، لأنه من دون ذلك، نكون نجازف أولاً بسعر الصرف حيث أننا قد نشهد انهياراً سريعاً ودراماتيكياً لليرة اللبنانية، وثانياً التأثير سلباً على انتظام العمل المصرفي وقدرته على الصمود”.
ويرى فرح أن المتضرر الأول سيكون المواطن الذي سيدفع الفاتورة مضاعفة، أولاً عندما تنخفض القوة الشرائية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، وثانياً بعد ارتفاع الفواتير الخدماتية بشكلٍ دراماتيكي بعدما ربطتها الدولة بسعر الصرف، وبالتالي “نكون قد لعبنا بالنار وأوقعنا نفسنا بأزمة أكبر من تلك التي نحن فيها، ولذا، فإن توحيد وتحرير سعر الصرف يجب أن يُربط بخطة الإنقاذ”.