خبر “إيجابي” رغم الأزمات
هجرة المكاتب العلمية التمثيلية لشركات الأدوية العالمية في لبنان, تنذر بمخاطر عديدة لا سيّما أنها تقوم بدور الرقابة على نوعية وجودة الأدوية في الأسواق. ولم يقتصر الأمر على الإقفال بل رجّحت المعلومات أن ينعكس هذا الأمر بطريقة سلبية على الطبيب اللبناني الذي قد يواجه صعوبة في الحصول على آخر تحديثات العلاج على اعتبار أن غياب تلك المكاتب يعني أن مشاركة الأطباء اللبنانيين في مؤتمرات طبية من خلال الشركات المذكورة، ستتوقف تماماً.
فما مخاطر هذا الأمر؟ وهل خسر لبنان فعلاً موقعه الطبي على الخريطة العالمية؟!
في هذا الإطار, أوضح نقيب الأطباء يوسف بخاش, لـ “ليبانون ديبايت”, أن “شركات استيراد الأدوية, كان يتّكل لبنان عليها أساساً, لأنه قبل الأزمة كانت معامل تصنيع الأدوية تغطي حوالي 5 إلى 8% من حاجة السوق, إنّما اليوم أصبح هناك توجّه للصناعة الوطنية التي تغطي ما لا يقل عن 40 إلى 50% من حاجة السوق”.
وأضاف, “هذه الشركات كونها تستورد الأدوية من الخارج, كانت تساهم في بعض الأحيان على الدراسات العلمية على الأدوية الجديدة, إضافة إلى أن الجمعيات العلمية كانت تملك إمكانيات أكثر من أن تنظم مؤتمرات, كما أنه بالتعاون مع مصنّعي الدواء ومراكز الأبحاث كان يوكل اليها القيام بدرسات علمية على الادوية الجديدة”.
ولفت إلى أن “المشاكل الإقتصادية, وهجرة الأطباء, وإغلاق عدد من شركات مستوردي الأدوية, قلّصت الدراسات لأربعة أضعاف عما كان يحصل سابقاً “, مشيراً إلى أن “كل الأدوية التي تدخل إلى لبنان ضمن الدراسات العلمية تمرّ عبر النقابة, لذا يمكن التأكيد أن هناك تراجع ما لا يقل عن أربعة أضعاف لحجم هذه الدراسات”.
أما عن مدى تأثير ذلك على الوضع الصحي في لبنان؟ يوضح الدكتور بخاش: “نحن مع دعم الصناعة الوطنية, وتراجع المساهمة والمشاركة بالدراسات العالمية لن ينعكس بشكل مباشر على الطبيب وعلى الدواء”.
وتابع, “هذا الأمر له تأثير على المركز العلمي الذي يأخذه لبنان ضمن دول المشرق العربي, إلا أن لا تأثير مباشر على العلاج بحدّ ذاته”.
وأشار إلى أنه “في ظل هذه الأزمة, وفي ظل دعم المعامل لتصنيع الدواء الوطني, يجب أن تلعب النقابة والجمعيات العلمية دوراً بدعم التصنيع الوطني والدراسات العلمية على الأدوية الوطنية, كي نرفع من شأن لبنان, ونضعه كدولة مصنّعة ومصدّرة للدواء”.
وعن أن الطبيب اللبناني لم يعد يشارك في المؤتمرات الطبية في الخارج؟ يعترف بتراجع المشاركة إلى حدّ ما, ولكن هذا لا يعني أننا خرجنا عن الخريطة العالمية, فكون الأبحاث العلمية التي لا يقوم بها لبنان, بالتأكيد لن يدعى الأطباء فيه للمشاركة بمؤتمرات حولها إلا أن ذلك محدود جداً.
وخلُص بخاش, إلى القول: “رغم كل الأزمات, لا زلنا في لبنان نستطيع القيام بعمليات جراحية دقيقة لا يتخيلها أحد, إنّما المشكلة تكمن في التغطية الصحية لهذه العمليات, لأنه في السابق كانت وزارة الصحة والضمان الإجتماعي وتعاونية الدولة يقومون بالتغطية, أما اليوم فيجري ذلك بشكل يكاد يكون ضئيلاً جداً”, مشدّداً على أن “لبنان لا زال يحافظ على مركزه التقني, ولكنه تراجع من الناحية الإنسانية والإجتماعية بتغطية حاجات المواطن”.