عالج رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” الانتقادات و”هدر الدم” له على خلفية مقابلته مع مذيعة اسرائيلية، بالافراط في الشعبوية، إذ هاجم الجميل “حزب الله” وجمهوره الذي أطلق حملات ضده منذ الأربعاء، من دون أن يقدّم الجميل أي توضيح حول ملابسات الاستضافة التي يمكن أن تحدث بالخطأ، وكان يمكن تفادي هذا الجدل بالكامل باعتذار، طالما أن اسرائيل يصنفها لبنان “عدواً”، كما ينتهي بإدانة الحملات ضده التي وصلت الى مستوى “هدر الدم”.
وظهر الجميل، الأسبوع الماضي، في مقابلة على شاشة فرنسية، واتضح في ما بعد أن المذيعة التي أجرت الحوار معه، هي تامار سيبوك، وتحمل الجنسية الإسرائيلية. غير أن الخبر لم ينتشر قبل التدقيق في هوية المذيعة التي اتضح أنها اسرائيلية، حسبما ورد في تغريدات في منصة “اكس”، حيث بحث مغردون لبنانيون من مؤيدي “حزب الله” عن هويتها، وتبين أنها صحافية اسرائيلية تعود جذورها الى تل ابيب، وهي كاتبة وصحافية إذاعية تعمل في الشأن الثقافي أيضاً.
انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي تعريف المذيعة، وانتشرت حملة ضد الجميل على خلفية هذا الظهور الاعلامي، وترافقت مع مقابلة له على قناة “الجديد” قال فيها إن مواقفه السياسية الأخيرة التي تنتقد الحزب، تسعى لإخراج الطائفة الشيعية من حالة الحرب، وتمكن الشيعة بأن يعيشوا حياتهم مثل بقية اللبنانيين لجهة البحث عن مدخول مادي جيد والقيام برحلات سفر وغيرها.
ثارت ثائرة مغردين مؤيدين لـ”حزب الله”، وانطلقت حملة هدر الدم بحق الجميل، وهو ما أشار اليه في بيان أصدره جهاز الإعلام في حزب “الكتائب” اليوم الخميس، قال في مستهله: “في الوقت الذي انطلقت فيه المفاوضات بين “حزب الله” وإسرائيل على الحدود، يُلهي الحزب جمهوره بحملة دنيئة على معارضيه”، معتبراً أن الحملة تهدف الى “حرف الأنظار عمّا يجري خلسة في الكواليس”.
وقال البيان: “ليست المرة الأولى التي يُطلق فيها وسخه وذبابه على النائب الجميّل، فهو مستمر منذ مدة ومن ضمن سياسة تطويع الخصوم وإخضاعهم، بنهج واهٍ ومكشوف وسخيف لا بل حقير يتخطى السياسة إلى التحريض على القتل وهو نجح بتنفيذه مع عدد من المعارضين المعروفين”.
ومع الادانة الكاملة، والمبدئية، للتحريض على القتل، ورفض هذا “العنف الالكتروني” من قبل البعض ضد خصوم سياسيين، واستنكار “خطاب الكراهية” الصادر على خلفيات سياسية، إلا أن بيان الجميل بالغ في الشعبوية، وأفرَطَ في الهجوم الذي انتهجه كوسيلة للنفاذ من الدفاع. فهو، وفق القانون، مواطن لبناني، وممثل لشريحة تتكون من عشرات الآلاف في البرلمان، ويفترض أن يدرك أن لبنان، قانوناً، يعتبر اسرائيل “عدواً”، ويحظر أي تواصل بين لبناني واسرائيلي.
كان يمكن للجميل أن يوضح ملابسات هذه الاستضافة. أن يقول إن اللقاء تم من غير علمه بهوية المذيعة وجنسيتها، وأن أي ضيف على قناة فرنسية يفترض أن مذيعته فرنسية. كان يمكن أن يعتذر عن هذا الخطأ غير المقصود الذي لا يستدعي هدر الدم، ولا الاتهامات بالعمالة لاسرائيل، ولا يتطلب هذا الحشد الالكتروني المبالغ فيه للهجوم عليه. وفي الوقت نفسه، كان يمكن له أن يدين الحملات ضده، كما ورد في البيان، وأن يهاجم جمهور الحزب أيضاً، وهو أمر مبرر في السياسة وأدبياتها.
لكن التركيز على جانب من ذلك دون الآخر، سيشرع حملات إضافية ضده، وسيعطي منتقديه ذريعة للقول إنه “يبرر التواصل مع اسرائيلية!)”، وهو أمر متوقع، في ظل تسعير الحملات. ما ظهر أن الجميل اختار المواجهة، وإذكاء النار السياسية في مواقع التواصل، بهدف انشاء حملة رأي عام ضد جمهور يستسهل التخوين وهدم الدم، استطراداً، وتالياً، يبقي الصراع في ذروته، ويشد العصب السياسي، طالما أن أي مواجهة مع الحزب اليوم، هي مواجهة رابحة شعبوياً، وتحديداً في الشارع المسيحي.
وكان حزب الكتائب قال في البيان إن “حزب الله” أطلق منذ مدة، “وفي توقيت متزامن ودفعة واحدة عبر ذبابه الإلكتروني وشيوخه “القبيضة” وإعلامييه التافهين، حملة شعواء على النائب الجميّل وهذا ما يؤكد أن الحملة ترمي إلى الذهاب إلى أبعد من مقابلة أو موقف لتتحوّل إلى سياسة ترهيب، تتدحرج نحو التصفية الجسديّة، وهو أسلوب درج عليه الحزب في التعامل مع معارضيه”.
وختم البيان بالقول إن “صرف فائض القوة والاستثمار قد بدأ في الداخل بالتزامن مع المفاوضات في الخارج، وأولى مندرجاته محاولة إبعاد الرافضين والمعارضين، وهذا ما يجعلنا أكثر تماسكاً وتمسّكاً بمواقفنا التي لم نحد عنها يوماً ولن نساوم عليها مهما اشتدت الحملات، فقد جرّبتم في السابق وفشلتم واليوم ستفشلون أيضاً”.