تستغرب مصادر نيابية مسيحية، كلام النائب السابق وليد جنبلاط، عن أن عنوان “لبنان أولاً” هو عنوان “سخيف”، معربةً عن أسفها، لأن “لبنان أولاً” يشكل جزءاً لا يتجزأ من المبادئ الدستورية والكيانية والميثاقية التي قام عليها لبنان، حيث أن الميثاق الوطني في العام 1943، قال بوضوح عن نهائية الكيان اللبناني وحياده. وتتحدث المصادر أمام زوارها، عن “نهائية وحياد”، لأن الأولوية يجب أن تكون للأولوية اللبنانية، وليس لأي أولوية أخرى، ومعلوم أن الدولة اللبنانية تفكّكت وسقطت عندما قدّم البعض أولويات وأجندات خارجية على حساب أولوية “لبنان أولاً”.
وذكّرت المصادر نفسها، أنه في ستينيات القرن الماضي، تجارب ومحطات تقدّمت فيها الأولوية الفلسطينية على الأولوية اللبنانية، فتمّ فتح الحدود اللبنانية ولا زالت مفتوحة لغاية اليوم، فسقطت الدولة اللبنانية، ومن ثم تمّت “تبدية” الأولوية السورية على الأولوية اللبنانية، فاحتلّ الجيش السوري لبنان، واليوم هناك من يبدّي أولوية محور “الممانعة” على الأولوية اللبنانية، وما زال لبنان يعيش في هذه المأساة التي يعيشها.
وأهمية 14 آذار، بحسب المصادر النيابية المسيحية، أنها أعادت توحيد اللبنانيين على مبادئ لبنانية، ولم توحّدهم عشائرياً ومناطقياً وغرائزياً، إنما حول مشروع سياسي، وهو “لبنان أولاً والدولة أولاً”، وعندما لا يكون لبنان أولاً، يسقط لبنان، وعندما لا تكون الدولة أولاً يسقط لبنان، وما زال لبنان في حالة السقوط بسبب أولوية قضايا أخرى على القضية اللبنانية، فهل الشعب المصري يبدّي أي قضية أخرى على مصر أولاً، أو الشعب السعودي، أو إيران التي تبدّي إيران أولاً على أي اعتبار آخر؟
وبالتالي، عندما لا يكون هناك في الحد الأدنى توافق على مبادئ تُعتبر بديهية وطبيعية، ويبدّي قسم من الشعب اللبناني قضية، فيما القسم الآخر يبدّي قضايا أخرى، فهذا يجعل الإنقسام في لبنان، إنقساماً من طبيعة وجودية تاريخية، تلاحظ هذه المصادر، وذلك على اعتبار أن هذا الإنقسام ما زال مستمراً منذ أكثر من 50 عاماً وحتى اليوم، وهذا الأمر “مؤسف للغاية، كوننا اعتبرنا كمسيحيين أن ما حصل في 14 آذار قد طوى صفحة الإنقسام، وتحديداً بين المسيحيين والسنّة والدروز، أو الأكثرية الساحقة داخل البيئات المسيحية والسنّية والدرزية”.
ومن هنا، فإن رفع عنوان” لبنان أولاً” ثم إعادة كلام النائب السابق جنبلاط عن أن شعار “لبنان أولاً” سخيف، وكلامه عن “وحدة الساحات”، هي مصطلحات تعيد المسيحيين بالذاكرة إلى زمن “الحركة الوطنية” ورفعها لقضايا على حساب القضية اللبنانية، الأمر الذي يؤكد أن هناك مشكلة فعلية وتكوينية، وربما تكون غير قابلة للعلاج من خلال النظام الحالي، ما يستدعي التفكير جدياً وبحوار عقلاني وهادئ ومدروس بنظام جديد، يرفع فيه كل فريق الشعار الذي يريده، تستطرد المصادر النيابية، والتي ترى أنه “لا يمكن أن نبقى في نظام واحد، وفئة من اللبنانيين ترفع عناوين تؤثرعلى الفئات الأخرى، وتؤثر على مشروع الدولة وعلى الإستقرار وعلى الإزدهار، فهل يجب التفكير جدياً بصيغة جديدة، خصوصاً بعد تراجع النائب السابق جنبلاط عن لبنان أولاً، وانضمامه إلى وحدة الساحات التي يقول بها حزب الله”؟