أقرّت موازنة 2024 بدون تحديد سعر صرف رسمي للدولار أو توحيد سعر الصرف كما كان متوقعاً، تاركاً الأمر على عاتق مصرف لبنان ليتّخذ القرار الذي يراه مناسباً في هذا الإطار، فما هي الخطوات المرتقبة للمصرف؟ وهل ستؤدي إلى إنصاف المودعين؟
في هذا الإطار, يرى الباحث الإقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي في حديث إلى “ليبانون ديبايت”, أن “مصرف لبنان والحاكم بالإنابة الدكتور وسيم منصوري كانا أبديا أن سعر الصرف المرتبط بالسحوبات هو مرتبط بالموازنة وسعر الدولار الرسمي لا سيّما أن المجلس المركزي لمصرف لبنان كان قد ربط سعر الدولار المصرف بسعر الدلار الرسمي، ولكن أقرّت الموازنة بدون تحديد سعر الصرف وأراد المجلس النيابي والحكومة من مصرف لبنان أن يحدّد هو هذا الأمر”، لكن برأي جباعي, فإن “سعر الصرف سبق أن حدّده المصرف بـ89500 عندما وحد سعر منصة صيرفة مع سعر السوق الفعلي”.
وبحسب معلومات الدكتور جباعي, إن “المصرف لن يقوم بتحديد سعر صرف للسحوبات ويذكّر بما قاله سابقاً أن السعر الذي يجب أن يعتمده مصرف لبنان هو السعر الفعلي للدولار أي 89500 ليرة، ويعتبر أننا اليوم أمام معضلة حيث تكشف معلومات وصلت إلى جباعي تتحدّث عن سلسلة اجتماعات موسّعة بين الحاكم والحكومة من جهة وبين الحاكم وجمعية المصارف من جهة أخرى لمناقشة هذا الأمر قبل إتخاذ القرارات المناسبة في هذا الموضوع”.
وإذا أرادت السلطة السياسية ان يحدد مصرف لبنان السعر وبحسب جباعي فان المصرف المركزي سيحدّده على 89500 ليرة لبنانية ، ولكنّه يسأل عن انعكاسات مثل هذا القرار ومن يضمن موضوع الكابيتال كونترول وهو من واجبات المجلس النيابي”.
ويشدّد على أنه “لا يمكن للمصارف إعطاء المودعين على سعر 89500 من دون ضوابط على السحب يحدّدها المجلس النيابي, كما طالب الحاكم بالإنابة، منعاً لتفلّت بالكتلة النقدية وانهيار سعر الصرف بشكل مطلق”.
ومن ناحية أخرى يجب القيام بنقاش بين الحكومة والمصارف للوقوف على رأس مال المصارف، لا سيّما أنها لديها في رأسمالها في المصرف المركزي 24 ألف مليار،كانت تقدّر على سعر صرف 1500 ليرة بحوالي 16 مليار دولار وعلى سعر 15 ألف كانت تقدر بـ 1,5 مليار دولار, لكن إذا اعتمد أي 89500 السعر الحالي فيصبح رأسمالها أقل من 270 مليون دولار مما قد يؤدي إلى إفلاس قطعي لمعظم المصارف في لبنان، مما يضر بالقطاع المصرفي والإقتصاد والوطني وأموال المودعين ويضع حداً لأي خطة مستقبلية لمعالجة أزمة المصارف والمودعين وإعادة هيكلة القطاع المصرفي”.
من هذا المنطلق يلفت جباعي, إلى “أهمية الإجتماعات التي ستناقش كيفية تطبيق هذا الأمر والاطلاع على الحلول قبل إتخاذ المصرف المركزي القرار بتحديد سعر الصرف على 89500 ليرة، ويعتبر أن هذا الأمر منطقياً يجب أن يحصل ولكن عملياً سيؤدي الى خسائر كبيرة في القطاع المصرفي وفي أموال المودعين، لذلك يجب الإتفاق برأيه على حل منطقي لما يخص رأس مال المصارف لفترة زمنية محدّدة إلى حين الإتفاق على البنود الأخرى كقانون الإنتظام المالي وإعادة هيكلة المصارف من أجل عودة الإقتصاد والقطاع المصرفي إلى طبيعته ومن ثم يحكى بسعر صرف مرتبط بسعر الصرف الفعلي للمصارف”.
أما اليوم يؤكد جباعي, أنه “لا نستطيع أن نجعل من الدولار الذي يعتمد في رأسمال المصارف هو 89500 من دون أن تقوم الدولة بواجباتها برد الديون التي أخذتها من المصارف لأن ذلك سيؤدي مباشرة إلى إفلاسها”.
ووفق هذا الواقع ستحصل اجتماعات بين مصرف لبنان والمصارف والحكومة للوقف على هذا الأمر.
وكان يأمل جباعي, أن “يحدد مجلس النواب سعر واضح للسحوبات من أجل الخروج من هذه الأزمة، وهذا لم يحصل لذلك اليوم الحاجة إلى اجتماعات مكثفة ودراسات معمّقة من أجل الإتفاق على سعر صرف يرضي المودعين من جهة ولا يؤدي إلى إفلاس المصارف والحفاظ على حجم الكتلة النقدية بالليرة”.
أما بالنسبة إلى تعديل التعميم 151 وإعطاء 150 دولار، فيشدّد جباعي, على أن “المجلس المركزي والدكتور منصوري أقروا هذا التعميم وأصبح جاهزاً وكان من المرتقب الإعلان عنه نهاية الاسبوع المنصرم, إلا أن عدم تحديد سعر صرف رسمي في الموازنة أجل هذا الأمر، لذلك بات الأسبوع الحالي هو الأسبوع المفصلي في هذا الأمر، لكنه يعتقد أننا سنصل إلى خواتيم ترضي المودعين نوعاً ما بإيجاد حل جزئي لمشكلتهم بانتظار الحلول الجذرية المرتبطة ليس بمصرف لبنان بل بالدولة والمصارف أيضاً.
ويجزم أنه “عند إنتهاء هذه المشاورات ستتخذ إجراءات جديدة تساهم في بلورة حلحلة للمودعين في هذ المرحلة الإنتقالية حتى إتخاذ الإجراءات عملية لخطة التعافي الإقتصادي المتمثلة بقانون الإنتظام المالي وإعادة هيكلة المصارف قبل الوصول إلى الحل الشامل لأزمة المودعين ككل”.