تحذير من الفتنة “القادمة”
مع التطورات المتصاعدة على الجبهة الجنوبية ترتفع حدة السجالات الداخلية فيما تقوم اللجنة الدولية الخماسية بتحرك كاتم للصوت لم تنتج عنه أي مبادرة يُعول عليها، فهل تبقى الأمور تراوح مكانها بانتظار الميدان وما ستسفر عنه من نتائج؟
ويرى الكاتب والمحلل السياسي سركيس أبو زيد, في حديث إلى “ليبانون ديبايت”, أن “الوضع الداخلي في حالة تجاذب وفوضى ولا يوجد حد أدنى من التواصل الجدي بين مختلف القوى السياسية ليكون لديها موقف مشترك لمواجهة تداعيات الوضع الميداني إن كان باتجاه وقف إطلاق النار أو توسيع المعارك”، لافتاً إلى “تصعيد الوضع في الجنوب تدريجيا رغم أنه لا يزال مضبوطا إلى حد ما ضمن الخطوط الحمر المرسومة، ولكن ليس مستبعداً برأي الكثيرين الوصول لحرب شاملة”.
أما بالنسبة إلى الوضع الداخلي فإن الأمور تذهب من سيئ إلى أسوا مع تعطّل المؤسسات وعدم فعاليتها من رئاسة الجمهورية إلى الحكومة إلى مجلس النواب، والقوى السياسية تمارس رفع الخطاب، وهو ناتج أن معظم هذه القوى مرتبط بقوى خارجية إقليمية ودولية وهي تراهن على نتائج الصراع الإقليمي والدولي ومدى انعكاسه على الوضع الداخلي وامكانية استفادة أي فريق منها لتعزيز شروطه”.
وإزاء هذه الوقائع فإن لبنان مفتوح ومكشوف على كل الإحتمالات فإذا ذهبت الأمور باتجاه حرب يمكن أن تتمدّد إلى الداخل وتحدّث نوعاً من الفتنة الداخلية، أو تذهب إلى السلم والتسوية والتي يمكن أن تكون على حساب لبنان إن لم يكن مهيّأ وجاهز لتحمل نتائجها.
ويعتبر أن “الميدان في الجنوب مفتوح على كل الإحتمالات في مقابل الداخل اللبناني المعرّض لفتنة وأحداث أمنية متنقلة ومزيد من الفوضى، إلا أن الأكيد لن يذهب إلى اتجاه وحدة وطنية قادرة على الحفاظ على الاستقرار”.
وإذ يشدّد على أن “هذا الواقع هو نتيجة طبيعية لعدم وجود تفاهمات جدية إضافة إلى رهانات خارجية، مع غياب القوى السياسية الوسطية التي تتمتّع بالحكمة وتعمل على تفادية تداعيات هذه الفوضى وتواجه التحديات الخارجية، لذلك فإن السلم الأهلي معرض لانعكاسات”.
أما فيما يتعلّق بحراك الخماسية فيجد في تحركاتها أشبه بملء الفراغ في الوقت الضائع، لا سيّما أن أطرافها غير متّفقة على حل واحد وكل واحد منهم لديه حساباته وتحالفاته وخياراته، لذلك تحاول ملء الفراغ أمام هذه الفوضى والتشرذم وان تحد بعض الشيئ وتحتوى الأمور كي لا تذهب باتجاه الأسوأ أو مواجهات أكبر.
لكنه لا يخفي أن الخماسية لا تملك حلاً سياسياً لا سيّما أن الأمور لا تقتصر على شخص الرئيس فهي بالنتيجة تريد أن تستشرف كيفية حكم الشخص للبلد في المرحلة المقبلة ووفق أي بنود وصيغ موجودة.
كما يعتبر أن اللجنة هي جزء من هذا الصراع الإقليمي الموجود وتنتظر نتائج الميدان لاتخاذ القرار بأي اتجاه تذهب، ولا يرى إمكانية لانتخاب رئيس في الوقت القريب، بل محاولة إلهاء للجو السياسي باعتراضات سياسية وعملية جس نبض أو اختبارات ليروا كيف ستكون الأمور عليه بعد فترة.
ويوضح أن انتخاب رئيس في هذا الظرف بوجود مجلس نيابي مشرزم لا يملك أكثرية واضحة، وميزان القوى الإقليمي لا يسمح لأحد بأن يفرض وجهة نظر، فيما الوسطيين الذين يشكلون نقطة تواصل بين الأطراف غير موجودين لذلك لا يرى في الوقت الحالي إمكانية لانتخاب رئيس لأنه في الظرف الحالي سيعكس ميزان القوى والاتجاهات وإلى أي محور سيذهب البلد.