جمّد القضاء الدعاوى التي قدّمها طلاب في الجامعتين الأميركية واللبنانية الأميركية ضد قرار إدارتَي الجامعتين دولرة الأقساط، منذ أن استُبدل الحكم النهائي الذي كان مقرراً أن يصدر في آذار 2022، بقرار إعدادي يدعو الطلاب إلى الاستجواب في أيار من العام نفسه، قبل أن يدخل الملف في متاهات الاعتكاف القضائي وإضراب الموظفين. وبسبب المماطلة في إصدار الحكم، رضخ معظم الطلاب المدّعين لضغوط جامعاتهم في فرض الوصول إلى «تسويات» بسبب حاجتهم إلى التخرج والحصول على إفادات النجاح والشهادات.وكان نحو 150 طالباً في الجامعتين أوكلوا الدائرة القانونية في «المرصد الشعبي لمحاربة الفساد» رفع دعاوى لدفع القسط وفقاً لسعر الصرف الرسمي حينها (1500 ليرة مقابل الدولار الواحد). اليوم، لم يتبقَّ من هؤلاء سوى 25 طالباً لا يزالون يواجهون مشكلات في الحصول على إفاداتهم وشهاداتهم.
النزاع مع الجامعة اللبنانية الأميركية LAU انتهى تقريباً بعد منع إدارة الجامعة الطلاب المدّعين من التسجيل لديها منذ خريف 2021 ما لم يحترموا نظامها الداخلي، ما دفعهم إلى إجراء تسويات تتوافق مع قرارات الإدارة. فيما صمدت طالبة عراقية وحيدة في وجه الضغوط، وخسرت في المقابل قدرتها على متابعة تحصيلها العلمي منذ فصل ربيع 2021 في الجامعة، وحُرمت من فرصة الانتقال إلى جامعة أخرى بعد رفض تسليمها إفادات صحيحة، والإصرار على اعتبارها راسبة في المواد التي طالبتها إدارة جامعتها بحضورها عبر القضاء في فصل صيف 2021، وإجراء الامتحانات في مواد لم تستطع حضور صفوفها، وحين تعذر عليها تقديم الامتحانات، اعتبرت الجامعة أنها ملزمة باحترام القرار القضائي، وسجلت لها علامات راسبة في كل المواد. عندها، راجعت قضاء العجلة فكانت النتيجة عدم الاختصاص لتعلق الأمر بالأساس، ولدى مراجعتها محكمة الأساس جرى تأجيل البت بطلبها إلى حين صدور قرار نهائي بالدعوى.
في الجامعة الأميركية في بيروت، تقول إحدى الطالبات الصامدات في الدعوى، والتي تخرجت في حزيران 2023، إن الجامعة لا تزال تحتجز شهادتها بسبب رفضها دفع القسط بالفريش دولار، مشيرة إلى أن المبلغ المتبقي غير واقعي وهو 22 ألف دولار، لافتة إلى أن «المحكمة لم تبت في طلب الاستغناء عن استجوابنا ولم تحدد بعد موعداً للاستجواب».
إلا أن طلاباً آخرين من زميلاتها وزملائها لم يجدوا، أمام تراخي القضاء وتجميد الملف، سوى «القبول بالحلول الحبية»، على ما قال الرئيس السابق للجنة القانونية في «المرصد» المحامي جاد طعمه، مشيراً إلى أن «أداء القضاء وغياب أي موقف لوزارة التربية من القضية والاحتكام إلى الضرورات والواقعية على حساب فرض تطبيق القانون، كلها عوامل فتحت الطريق أمام الجامعات والمدارس الخاصة لاعتماد دولرة الأقساط». وقال إن «كل المحاولات لإعادة الدعاوى إلى جدول المرافعات واستعادة مسارها في المحكمة والمطالبة بالاستغناء عن استجواب الطلاب لعدم جدواه باءت بالفشل، ولا يمكننا القيام بشيء سوى مراجعة قلم المحكمة الذي يفيدنا بأنّ الطلبات لا زالت في بريد القضاة». أما في ما يتعلق بإفادات النجاح، فقد «جرى تقاذف للصلاحيات بين قضاء العجلة الذي يقول إن الأمر من اختصاص المحكمة الناظرة بالقضية الأساس، وبين محكمة الأساس التي قالت إن مهمتها أن تنظر فقط بما هو متعلق بموضوع الدعوى أي قسط فصل ربيع 2021». ولفت طعمة إلى أن الجامعات التي تدعي أنها تبني شخصية الطالب «لم تتحمل أن يلجأ طلابها إلى القضاء بعد مراكمة أرباح خيالية لسنوات قبل الأزمة، بدلاً من أن تكون حريصة على صدور قرار قضائي لتكون قدوة لهم في حل النزاعات بأسلوب قانوني وحضاري».
فاتن الحاج-الاخبار