منذ ربط حزب الله ساحة الجنوب بساحة غزة صبيحة الثامن من تشرين الأول الماضي وغداة طوفان الأقصى مطلقاً عملية إشغال الجيش الإسرائيلي وتشتيت قواه، لا ينفك القادة السياسيون والعسكريون في إسرائيل عن توجيه تهديدات يومية بتدمير لبنان، تتراجع حدّتها حيناً وتشتد أحياناً وقد بلغت في جديدها إعلان وزير الدفاع يوآف غالانت أنه قد طلب من القوات الإسرائيلية الموجودة على تخوم غزة الاستعداد للتحرّك نحو الجبهة الشمالية حيث يتوعّد مع رئيس حكومته بنيامين نتنياهو بفرض الاستقرار على الحدود مع لبنان بالقوة، بعد نفاد المهلة المعطاة للدبلوماسية لتأمين عودة عشرات آلاف المستوطنين إلى منازلهم.
تهديدات غالانت بحرب صعبة على مدينة حيفا وجوارها ومدمّرة لبيروت ليست جديدة، لكنّ خطورتها تكمن في سحب الألوية الهجومية من غزة ومحيطها وتحريكها نحو الجبهة الشمالية استعداداً للحرب مع حزب الله ولبنان، فهل اقترب موعد الحرب الشاملة وهل إسرائيل قادرة على الحرب على جبهتين بعد الفشل في تحقيق أيّ من أهداف الحرب على غزة؟
يرى خبير استراتيجي “أن هناك حشوداً عسكرية كبيرة على الحدود الجنوبية للبنان مع سحب العديد من القوات الإسرائيلية من القطاع لأسباب مختلفة قد تكون للتبديل أو إعادة التأهيل أو لزجّها بمواجهة مع حزب الله، لكنّ كل ذلك يبقى في إطار التهديد والوعيد وإظهار القوة أكثر منه بالحرب انطلاقاً من رأيين داخل القيادة الإسرائيلية، الأول متطرّف: يريد من الحرب على لبنان تغطية الفشل في الوصول إلى الهدف في غزة، وتحويل الرأي العام العالمي عن المجازر التي تُرتكب فيها إلى الجنوب اللبناني، حيث لا نشهد على مجازر ملفتة حتى الساعة، وثانٍ يرى أن التوقيت لحرب شاملة مع حزب الله لم يحن أوانها بعد، فلننتظر حتى انتهاء الحرب على القطاع، فإن بقي الحزب على موقفه نُقدِم على ضربه، وهذا الموقف يلتقي مع مواقف الدول الغربية التي لا تؤيد أي مغامرة إسرائيلية جديدة في الوقت الراهن وعلى رأسها الولايات المتحدة بلسان رئيسها جو بايدن الرافض لتوسيع نطاق الحرب، بالإضافة إلى بريطانيا والاتحاد الأوروبي لأن لبنان لا يزال يحظى بحصانة غربية تعمل على تحييده عن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني”.
ويرى الخبير العسكري أن احتمال الحرب وارد وليس مؤكداً ويعطيه نسبة تقل عن خمسين في المئة بالرغم من الحشود والتهديدات الإسرائيلية.
على الملقب الموازي للجبهة، أدخل حزب الله أسلحة جديدة وسط تكتم شديد حول منظومته عالية الدقة والبعيدة المدى رافضاً الكشف عن قوتها التدميرية ومستواها التكنولوجي لكن من المؤكد أنه يمتلك أسلحة مدمّرة قادرة على الرمي لمسافات بعيدة مع دقة عالية، لكن السؤال المطروح: “هل هو قادر على حماية هذه الأسلحة التي تُطلق من الأرض، قبل أن تعود للاختباء في الأنفاق والمخازن، من سلاح الجو الإسرائيلي المسيطر على الأجواء اللبنانية ولديه قدرة مراقبة من ارتفاعات شاهقة وقدرة رماية دقيقة تبلع 99.99% من على ارتفاع 48 ألف قدم، ولا نستطيع كشفه بالعين المجردة، فيما لا يمتلك حزب الله رادارات لكشفه”؟.
من المؤكد أن الحزب يمتلك قدرة تدميرية تبقى فاعليتها طي الكتمان ورهن الميدان وتطوراته العسكرية للكشف عن مداها التوجيهي والتكنولوجين علماً أنّ باستطاعة مقاتليه توجيه ضربات محدودة والاختباء ولكن هل بإمكانهم القصف بشكل متواصل؟
ويسأل الخبير الاستراتيجي: “هل ستقدم إسرائيل على اجتياح بري للبنان وهنا السؤال الأهم لأنه يحظى بشبكة أمان دولية بوجه أي اجتياح”.
إذاً.. بين التهديد والواقع فجوات كثيرة هل تقع إسرائيل في إحداها وتغرق المنطقة بحمام دم أوسع وأشمل تسعى إليه منذ اليوم الأول للحرب لجرّ أطراف أخرى إليه؟ وماذا عن الهدنة المستجدة بين الولايات المتحدة وإيران عبر كتائب حزب الله-العراق والميليشيات التابعة لها في سوريا؟
وحده الميدان والقيّمون عليه من سيجيب على كل هذه التساؤلات.