التجّار ضاعفوا أسعار السلع عشرات المرات … والخضار تحلق كم بلغ سعر كيلو اللوبياء
لم يمض أسبوع على إقرار الموازنة العامة، حتى بدأ تجار “حيتان” السوق السوداء برفع أسعار السلع والخدمات الأساسية. وكالعادة التضخم بالأسعار تزامن مع سكوت المسؤولين المعنيين بمراقبة المتاجر الكبرى، ولا سيما ان شهر رمضان المبارك بات على الأبواب، ويبدو ان هذا الشهر سيكون ضيفا ثقيلا على اللبنانيين، نظرا للزيادة الهستيرية بأسعار السلع الأساسية
فوق ذلك لم نسمع تعليقا واحدا من قبل السلطة او حتى نواب المعارضة، الذين يعتبرون ان لقمة عيش المواطن هي خط احمر. وامست شعارات الحفاظ على كرامة الانسان مجرد مسرحية هزلية، تستغل لغايات طائفية وسياسية بحتة. لذلك لا يزال المواطن يتلقى صفعات الحياة المعيشية والحياتية والمادية واحدة تلو الأخرى، من دون تسجيل أي تحرك من قبل حكومة تصريف الاعمال، في دولة اضحى مواطنوها على يقين أن مساءلتها ضرب في ميّت.
وفي هذا السياق، أكد مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر لـ “الديار” العمل “على مراقبة كل مراحل سلسلة التوريد، بدءا من المستورد مرورا بتاجر الجملة وتاجر المفرق، وصولا الى “السوبرماركات” خلال هذه الفترة لنبقى في الجانب الآمن، ولإحالة المخالفين الى القضاء المختص”.
والسؤال هل باشر مراقبو حماية المستهلك توقيف العاصين والمتمردين على القوانين؟
الضرائب “شرعنة” السوق السوداء
في موازاة ذلك، فإن الرسوم التي اقرتها الموازنة العامة باتت متنوعة وبالجملة، وفي هذا السياق أعلن نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي في تصريح اعلامي “انه تم تحديد زيادة تقدر بين 2 و15% للشحن والتأمين من جراء الوضع في البحر الأحمر، وهذه الازمة انعكست حربا اقتصادية عالمية، وان تأخير الحاويات التي تنتقل من الشرق الأقصى الى أوروبا يؤدي الى تراجع في الحاويات الاتية من أوروبا الى الشرق الأقصى كنتيجة للتجارة المتبادلة، ما يرتدّ سلبا على سلسلة الامدادات ككل. وهذا يشمل أيضا حركة التجارة الموسمية وكمية البضائع المستوردة”. وحذر التجار “من التمادي في رفع الأسعار واستغلال الوضع الراهن”، مؤكدا “ان سلطات الرقابة مسؤولة عن ضبطه”.
هل تتسبب “الضريبة الاستثنائية” بأزمة غذائية؟
وفقا لخبراء في مجال الاقتصاد، “يُقصد بالضريبة الاستثنائية الرسوم الإجبارية التي تفرضها وحدة حكومية في حالات معينة أو فريدة، بغرض زيادة الإيرادات لدفع قيمة الخدمات أو التحسينات من أجل المصلحة العامة، لذلك فرضت الموازنة الاخيرة “ضريبة استثنائية” على الشركات التي استوردت سلعا مدعومة”.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، اين الموازنة من المهرّبين الذين استفادوا بملايين الدولارات؟
بالموازاة، صاحب “سوبرماركت” في منطقة فرن الشباك كشف لـ “الديار” ان “الأسعار سترتفع لان ما بعد إقرار الموازنة ليس كما قبله، فالوضع الاقتصادي يتدحرج شيئا فشيئا جراء تضخم كلفة المعيشة في مقابل تدني القدرة الشرائية، وهذا يقلّص من قدرة المواطنين على شراء المواد الأساسية والضرورية، وتتجه مئات عشرات العائلات نحو مزيد من الشظف والأحوال المادية تضيق يوما بعد يوم”.
أضاف “بصريح العبارة الموازنة لم تعط المواطن سوى الغرامات والضرائب المضاعفة، كما ان إبقاء الرواتب على حالها دون تعديل يؤثر في قدرة المستهلكين الشرائية، ولم يراعِ التجار الأوضاع المعيشية المتكدرة في البلد والتي شملت كل شرائح المجتمع”. وتابع “لذلك بدأنا نرى ارتفاعا ملحوظا بأسعار السلع، واستغل أصحاب السوبرماركات الضرائب التي تضمنتها الموازنة، وعمد هؤلاء الى مضاعفة الأسعار عشوائيا في اغلبية المحلات والمتاجر التجارية”.
سبب الارتفاع ليس زيادة الطلب
وفي الإطار، يُرجع الخبراء والمراقبون تضخم أسعار السلع الى غزارة الطلب على الخدمات والسلع الأساسية كنتيجة لزيادة الاستهلاك، الا في لبنان فإن ارتفاع الأسعار يأتي بعد كل زوبعة سياسية او خضة امنية، او حتى بعد إقرار الموازنة كما حدث منذ بضعة أيام. فقد انتهز التجار الوضع الراهن المتمثل بفرض مزيد من الضرائب التي تضاعفت، في ظل غياب السلطة والإدارات المعنية بمراقبة وضبط السوق.
الفساد بات حالة
في سياق متصل، قال مصدر رسمي لـ “الديار” “ان الفساد المستشري موجود في كل زاوية من زوايا القطاعات الخدماتية العامة، ولم يعد مجرد ظاهرة او غيمة و “بتقطع”، بل أمسى حالة طبيعية في الواقع الإداري والرسمي، وامتد الفساد الى كافة القطاعات العامة والخاصة، لان الممارسات السلطوية هي ذاتها قائمة منذ عشرات السنين”. وسأل: “لماذا التمسك بزمرة من السياسيين الذين يعطلون الدستور والقوانين الناظمة للمجتمع، وهؤلاء هم من يعيق تطور الاقتصاد الذي يعدم التنمية البشرية، وهذا بدوره يؤدي الى سحق واضعاف الوطن، ويجعل الافراد يركنون لسلوك الفشل والإحباط”.
نبذة عن الأسعار الجديدة
ولمعرفة ما مدى حقيقة رفع الأسعار بعد إقرار موازنة العام 2024 تقصّت “الديار” الأسعار المستجدة، وتبين ان ثمن معظم المواد الاستهلاكية تضاعف بنحو 30 و40%، فمثلا:
– كيس الفاصوليا سعة 400 غ بعد ان كان يباع منذ حوالى الأسبوعين بـ 1.40 بات بحوالى الـ 3.60.
– سعر كيس البرغل الخشن وزن 400 غ كان يتراوح ما بين 0.80 و0.90، بات اليوم بحوالى 2.15 دولار.
– تشهد أسعار الخضراوات والفاكهة ارتفاعات قياسية بنسبة تتراوح بين 25 و35%، فمثلا: سعر ضمة البقدونس وصل الى 70 الف ليرة والنعناع بـ 55 الف ليرة، اما سعر كيلو اللوبياء فوصل الى حدود الـ 400 الف ليرة، بينما سعر كيلو السبانخ فبلغ 200 الف، والخس العربي بـ 1.80″ .
ندى عبد الرزاق – الديار