ليبانون ديبايت” – فادي عيد
قد يكون لبنان اليوم في عين العاصفة أكثر من أي يومٍ مضى. فالإستحقاق الرئاسي بلغ المحطة الأخيرة، والحرب في الجنوب وصلت إلى مفترق طرق، إحداها تقود إلى التهدئة المؤقتة، والأخرى إلى اتفاق حدودي برعاية أميركية، والثالثة إلى استمرارها، ولكن من دون ضوابط.
ولا يشي الإحتدام الديبلوماسي في بيروت، بأي تطوّرٍ ذات طابعٍ دراماتيكي على خطّ الإستحقاق الرئاسي بعدما رمت عواصم القرار الغربية والعربية أزمة الشغور في ملعب سفراء “الخماسية”. وعلى العكس من ذلك، تأتي “طحشة” الزوار والموفدين، على إيقاع حراك وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في المنطقة، كدلالة صارخة على عودة الملف اللبناني من بوابة الجنوب أولويةً لدى واشنطن كما لدى حلفائها، وفي مقدمهم فرنسا وبريطانيا.
وإذا كانت جولات الحرب على جبهة الجنوب، تتّجه إلى التصاعد أخيراً، فإن النقاش الدائر حول الإستحقاق الرئاسي في الأوساط الديبلوماسية، وتحديداً في سفارات الدول الخمس المعنية باللجنة الخماسية، لم يخفت ولم يتراجع، على الرغم من عدم ظهور أي مؤشرات إلى الواجهة، تنبئ بحصول تقدم، ولو طفيف، في عملية العبور بالملف الرئاسي إلى مرحلة التنفيذ، قبل فوات الآوان ورسم الخرائط وخطوط التماس الجديدة في المنطقة.
وفي نقاشها مع أحد سفراء “الخماسية”، تكشف مصادر وزارية سابقة، عن أنه نقل إليها تحذيراً من أن يدفع لبنان غالياً ثمن الفراغ الرئاسي، مع تقدّم الأطراف الرئيسية في المنطقة نحو تحديد خارطة طريق مرحلة ما بعد حرب غزة. والثمن، تقول المصادر، وكما بات معروفاً من الجميع، سيكون غياب الكرسي اللبناني عن طاولة التسويات المرتقبة والحتمية، التي ستحدّد إطاراً كما حدود وجغرافية النفوذ الأميركي والإيراني في الساحات المجاورة للساحة اللبنانية.
وفي معرض التدقيق في جولات السفراء الخمسة على القيادات السياسية والحزبية، فإن الموقف الديبلوماسي كان واحداً ومجتمعاً عند مقاربة واحدة، وهي انتخاب رئيس الجمهورية اليوم قبل الغد، لأن كلفة “التنازلات” التي سيقدّمها كل فريق، لا تُقاس مع كلفة الشغور في لحظةٍ إقليمية بالغة الخطورة. ولذلك، فإن العودة إلى رفع السقوف داخلياً، وصولاً إلى تجاوز الحدود التقليدية، تناقض كل الكلام السابق عن الإنفتاح والإيجابية.
ومن هنا، ترى المصادر الوزارية السابقة، أن سفراء “الخماسية”، سيواصلون حراكهم، وهم متمسكون أيضاً بملء الشغور في سدة الرئاسة الأولى، تلافياً لمسلسل الإنهيارات المؤسّساتي وتنامي الأزمة المالية والنقدية، وتدرّج المواجهات في الجنوب إلى تصعيدٍ حتمي، حتى بعد اتفاق التهدئة في غزة، وهو ما يؤكده مراراً وزير الحرب الإسرائيلي.
والأخطر، في مشهد الشغور والإنهيار والحرب، هو بلوغ الإنقسامات السياسية والطائفية الذروة، بالتوازي مع الإنشغال الخارجي بالوضع اللبناني وبكل تفاصيله، وليس فقط بالجبهة الجنوبية، وبالتالي، تحذِّر المصادر من تصنيف لبنان “الشغور وسقوط الدولة وتفكّك المؤسسات”، كورقة من ضمن الأوراق الإقليمية، ما يمهّد لحصول التسويات وحتى الصفقات على حسابه، كون ما من ناطقٍ رسمي بإسمه، اليوم وربما غداً.