في الوقت الذي يُشرف فيه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على وضع اللمسات الأخيرة في تهيئة المشهد في المنطقة بعد الهدنة في غزة، تتزايد المؤشرات على احتمال نجاح الإتفاق بين إسرائيل وحركة” حماس”، حيث يستنتج المستشار القانوني في المفوضية الأوروبية والمحلل الدكتور محيي الدين شحيمي، أن الإجتماعات الباريسية “المخابراتية” والسياسية، التي ضمّت ممثلين عن الجانب الفرنسي والأميركي والإسرائيلي والقطري، قد استتبعت باجتماعات ثنائية وثلاثية في واشنطن، بالتوازي مع اجتماعات بين مصر وقطر وطبعاً بمتابعة سعودية، ونجحت في إرساء “وقفٍ للنشاط التحاربي منذ 7 تشرين الأول وليس هدنةً، وبما أن هذه الحرب انعكست على الإقليم والمحيط والدول كافةً، فإن الهدنة ستنعكس بشكل إيجابي عليها كلها”.
وعن واقع الجبهة الجنوبية في ظل التصريحات الإسرائيلية بأن الحرب لن تتوقف، يقول الدكتور شحيمي ل”ليبانون ديبايت”، إن “وزير الحرب في إسرائيل يهدد، ولكن المهم هو موقف لبنان وحزب الله، الذي قال إن جبهة الجنوب هي جبهة إشغال ومساندة لغزة، وعندما تتوقف الحرب في غزة تتوقف هذه الجبهة تلقائياً وبالتالي ستكون استكانة لهذه الجبهة، ولذا فإن الوزير الاسرائيلي يريد من خلال التهويل، أن يحصل على بعض النقاط لتعزيز موقف الحكومة الإسرائيلية التي تُحتضر”.
وعن تأثير الهدنة على مهمة الوسيط آموس هوكستين الذي غادر إسرائيل من دون المرور بلبنان، يكشف شحيمي، بأن “هوكستين يبحث في تثبيت النقاط والحدود البرية وبتّ النقاط العالقة من نقطة ب 1 إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهو يدرك أن لبنان الرسمي لن ينخرط في أي محادثات، إلاّ إذا كانت مزارع شبعا من ضمن هذا الحل، ومن خلال ما يظهر في الكواليس، فإن هوكستين قد أدخلها”. وبالتالي، يتوقع شحيمي أن يكون الحل في الجنوب، الملف الأساسي على الطاولة في المرحلة المقبلة إقليمياً، فيما لو تمّ التوصل إلى اتفاق تهدئة في غزة، مشيراً إلى أن هذا الواقع قد استدعى الحراك الديبلوماسي في بيروت، للإنتهاء السريع من الشغور الرئاسي، لأن لبنان مقبل على الكثير من الإستحقاقات على المستوى المحلي والإقليمي، وعلى جولات مفاوضات غير مباشرة تستوجب أن يكون رأس على الدولة، في ضوء تسارع وتيرة التطورات الإقليمية لإنهاء ما هو قائم حالياً من تصعيد وتوتر”. وفي حال فشل هذا الحراك، يجزم شحيمي، بأن “استمرار ما هو قائم حالياً، لا يُنذر إلاّ بشيء كبير في المستقبل، لأن عدم تسوية الأزمات، سيدفع نحو تطورها بشكلٍ سلبي”. وبرأي شحيمي، فإن الحل يبدأ من خلال ما يدور في غزة وارتداداته ستطال الحدود اللبنانية، ممّا يفترض التعامل بكل حذر مع الأفكار وكواليس الوساطات، لأن عدم القيام بأي عمل لإنهاء الإبادة في غزة حالياً أو تهدئة الحدود الجنوبية، سيدفع المنطقة إلى المزيد من التصعيد، فيما التهدئة تفرض أن يكون لبنان حاضراً للإستفادة إيجابياً والفرصة كبيرة من أجل حلحلة جزء مهم من الملفات الأساسية التي تُعدّ مصيرية، وتشكّل عتبةً حقيقية لدخول لبنان إلى مرحلة جديدة وبناء الدولة”. وعن ارتباط هذا الحراك بالمساعي على خطّ “الخماسية”، يتحدث شحيمي ، المتابع عن قرب للمسعى الفرنسي منذ أكثر من 3 سنوات، أن “النشاط الخماسي وتحديداً، منذ مطلع العام الحالي، سلس وحذر، لأن الخماسية غيّرت من طريقة تعاملها داخلياً وخارجياً، لأنه في السابق كانت لديها مساحات فردية لكل دولة وهذا ما أثر بطريقة سلبيةعليها وعرقل حل أزمة الشغور الرئاسي، بينما الآن هي يد واحدة وكل خطوة من أي دولة هي خطوة خماسية، بعدما تمّ تصفير التباينات والإختلافات وليس الخلافات”. وعن أجندة “الخماسية”، يؤكد شحيمي ، أن هدفها هو “الإلتزام بالبيان الثلاثي وحل المسألة اللبنانية بناءً على توافق أو تسوية، لوصول رئيسٍ غير محسوب على الأطراف الممانعة والمعارضة، وغير منغمس بالفساد، ومقبول عربياً ودولياً، لأنه سيعيد لبنان إلى العالم”. وعن عدم بلورة أية نتائج من حراك “الخماسية”، يوضح شحيمي، أن “الخماسية لا تطرح نفسها على أنها صاحبة الحل أو الآمرة، لأن الحل يأتي من لبنان وهي تعمل كمؤازرة للقوى اللبنانية، علماً أن لا مرشحاً رئاسياً أو إسماً مفضلاً لديها، ولا فيتو لديها على أي شخصية، بل هي منفتحة على الجميع، وهدفها الشخصية التي تحمي الطائف وتحمي الدولة اللبنانية”. |