الحراك الديبلوماسي في لبنان ومحيطه بلغ أوجه مع جولة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في المنطقة، وكانت أمس محطتاه الأخيرتان في تل أبيب والضفة الغربية.
صحيح أن بلينكن لم يضع بيروت في جدول أعماله بالنظر إلى انتفاء الحاجة بفعل غياب رئيس الجمهورية وتحلّل باقي المؤسسات، لكن تأثيرات جولته ونتائجها لا بد أن تلفح لبنان. فوقف اطلاق النار في غزة يعني حكما وقفه في الجنوب، وتاليا بدء مسار شاق من التفاوض ستكون واشنطن وحزب الله حجر الرحى فيه. وليس مستبعدا أن تعرض الإدارة الأميركية ثمناً جزيلا لقاء قبول الحزب بالتسوية التي وضعها المستشار الرئاسي آموس هوكستين، وبات قوامها معلوماً:
١-في مرحلة أولى، يسحب الحزب قواته بين ٨ و١٠ كيلومترات صوب الداخل، في موازاة نشر الجيش اللبناني ١٥ ألفا من عديده (وفق منطوق القرار ١٧٠١) على طول الحدود مع اسرائيل والبالغة نحو ١٢٠ كيلومترا مربعا. في المقابل، تمتنع اسرائيل عن خرقها السيادة اللبنانية، خصوصا عبر طائراتها الحربية، الى جانب سحب جزء من قواتها، معظمها من الاحتياط، وهي سبق أن حشدتها تباعا على حدودها الشمالية منذ ٧ تشرين الأول ٢٠٢٣.
٢-في مرحلة ثانية من الوساطة الأميركية، تُدرس ترتيبات حل مشكلة الحدود البرية ونقاط الخلاف الـ١٣، الى جانب بحث جدي في الانسحاب من المناطق المحتلة في مرارع شبعا وتلال كفرشوبا وخراج بلدة الماري.
اللافت في مجمل هذا المشهد أن لا حديث أميركيا مباشرا عن حزب الله، سوى اعادة انتشار قواته بما يحقق منطقة No man’s land الخالية من السلاح (منطقة الـ١٠ كيلومترات عمقا). وهذا الواقع يناقض تماما الحديث عن تطبيق القرارين ١٥٥٩ و١٧٠١ اللذين ينصان على تجريد الحزب من سلاحه في منطقة جنوب الليطاني.
وتبقى المكافأة الأميركية لحزب الله في حال سار هذا المخطط كما هو مراد له. البعض قال إنها ستكون عبارة عن عطاءات مالية جزيلة تُنهض الاقتصاد اللبناني، فيما ذهب البعض الآخر الى الحديث عن عطاء سياسي يتمثل في إطلاق يد حزب الله في اختيار رئيس الجمهورية. ويُفهم في هذا السياق تحديدا عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى تعويم خيار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية علّه يفوز بالجائزة الكبرى. لكن دون تلك الجائزة، الى الآن، الرفض المسيحي لهذا الخيار، وهو ليس بالأمر الهيّن.