لم تخرج طرابلس من خارطة مشاريع المستثمرين ورجال الاعمال. عاصمة الشمال التي وضعتها حسابات الداخل وتقاطعات الخارج في خانة الارهاب والتكفير ومنطلقا لمشاريع تقسيم البلاد في السنوات الماضية، تعود اليوم الى الواجهة من بوابة الاقتصاد والمال والمشاريع المنتجة كمدينة تمتاز بموقعها الاستراتيجي المرتبط بالاسواق العربية.
تتهافت الشركات ويطل المستثمرون من خلف الحدود ليسألوا عن الاحياء الفقيرة في المدينة، بعضهم وسَّع استثماراته في البلد ودخل الى الدولة عبر المناقصات التي فُصلت على قياسه، واليوم يبحث عن موطئ قدم في “الفيحاء” سعيا الى استثمار كبير يتردد صداه مع تردد أخبار ما يجري في البحر الاحمر وباب المندب وتأثير ذلك ايجابا على المدينة القريبة من سورية ومنها نحو العراق والخليج أو نحو تركيا.
تتحدث فعاليات طرابلسية عن حركة ناشطة لشراء العقارات القديمة في عدد من الاحياء الفقيرة بأسعار زهيدة وبمساعدة سماسرة اختبروا جيدا المنطقة وقادرين على التأثير في نفوس أهلها، فيما تنشط بعض الجمعيات الاهلية على خط مساعدة الاهالي في ترميم منازلهم علّها ترفع من الاسعار في حال قررت العائلة عرض المنزل للبيع. تحذر الفعاليات الطرابلسية من مخطط يرسم للمدينة بهدف اعادة سيناريو ما حصل قبل ثلاثة عقود في بيروت وهو يأخذ اليوم طابع إفقار الشعب وفتح أبواب الهجرة امامه وغالبا ما تكون هجرة غير شرعية لاسيما من الفقراء، فيما تسعى بعض الدول الى الدخول أكثر في المدينة عبر استمالة رجال سياسة وفكر وناشطين اجتماعيين كتوطئة لدخول الشركات الكبيرة التي تدعمها تلك الدول وتجهيز ارضية الاستثمار للسنوات المقبلة حين تُفتح صفحة التسويات في المنطقة ويبدأ الاعمار في سورية وتنشط حركة التصدير منها الى الدول العربية وتركيا.
عندما تحدث رئيس التيار الوطني الحر عن مستقبل طرابلس الاقتصادي وتحرك باتجاه المناطق المقربة من التيار للاستثمار فيها، كان البعض يسأل عن الاسباب التي دفعت بالرجل الى التوجه نحو عاصمة الشمال والاهداف السياسية خلف هذه الزيارات، غير أن الواقع مُغاير فباسيل المهندس يقتنص أيضا فرص الاستثمار بالمشاريع السياحية والعمرانية ويعلم أيضا أن منطقة الميناء القريبة من المرفأ لديها مستقبل واعد عندما تنشط حركة الترانزيت وعمليات الاستيراد والتصدير، واذا ما تطابقت المعلومات الواردة اليه عن رغبة دولية باحياء المدينة والنظر الى كل ما يجري على ارضها فإن ما يتم التحضير له لعاصمة الشمال كبير على المستوى الاقتصادي و”الشاطر” من يدخل أولا السوق.
يرى خبراء اقتصاديون أن طرابلس قادرة على منافسة بيروت بشكل جدي وكبير. ويتحدث هؤلاء عن مرفأ المدينة وما يجري داخله من أعمال مرتبط بعضها بتوسيع الأحواض وادخال معدات نقل حديثة للحاويات غير متوافرة اليوم في مرفأ بيروت، وذلك يعتبر مؤشرا مهما لما يتم التحضير له في المدينة.
وتدفع حركة الملاحة البحرية المستثمرين الى اطلاق ورشة تحديث البنى التحتية وبناء مشاريع مرتبطة بالشركات، كما تقودنا ايضا نحو تفعيل عمل مطار القليعات في عكار واطلاق صافرات القطار التي توقفت قبل عقود حيث كانت سكته شريان حياة المدينة وينقل البضائع الى حمص ومنها الى البلاد العربية، وهو حلم قد يُصبح واقعا في التسويات الكبيرة، ولكن ما هو مؤكد وفق ما يتردد في الاروقة الدبلوماسية أن طرابلس وضعت على الخارطة الاقتصادية العالمية وتؤشر حركة الاستثمار وان كانت بطيئة، الى أن بعض الدول النافذة قد ترى في موقعها الاستراتيجي بوابة لتصدير اعمالها الى الخليج وتركيا.