على الرغم من الأزمة المالية التي عصفت بلبنان منذ عام 2019 والتي أثرت على القطاعات كافة وانتشار جائحة كوفيد 19، ازدهر القطاع الصناعي بشكل لافت حيث تم افتتاح العديد من المصانع والمعامل في السنوات الأخيرة وأضحت الصناعة اللبنانية كبديل عن الاستيراد، مع تراجع القدرة الشرائية لمعظم اللبنانيين، وباتت تُنافس بجودتها المنتجات المُستوردة ومن المتوقع ان تشهد في الـ 2024 نمواً أكبر، ولكن التوترات في المنطقة واستمرار الحرب على غزة والاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان واتساع رقعة القصف إضافة إلى أزمة البحر الأحمر تُثير التساؤلات بشأن مدى انعكاس هذه الأزمات على هذا القطاع في حال امتدت التوترات طويلاً.
نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش أوضح عبر “لبنان 24” ان “الهجمات على السفن في البحر الأحمر لا تؤثر بشكل كبير على قطاع الصناعة في لبنان بل على المستوردين والمصانع التي تستورد المواد الأولية من الخارج لاسيما من الهند وبلدان الشرق الأقصى حيث يعانون من تأخير في تسليم هذه المواد نظرا لاضطرار شركات الشحن لتغيير مساراتها واعتماد طرق بحرية أطول إضافة إلى زيادة كلفة التأمين”.
ويُضيف بكداش: “كلفة التأمين ضد الحرب ارتفعت بسبب هذه الأحداث وبالتالي كلفة الاستيراد ازدادت وهذا الأمر سيؤدي إلى غلاء الأسعار في السوق المحلي ولكن المنتجات التي تُصنع في لبنان لم تتأثر كثيرا بالأزمة”.
وضع المصانع في الجنوب
وعن وضع المصانع في جنوب لبنان مع تواصل الاعتداءات الإسرائيلية منذ 8 تشرين الأول الماضي وتصاعد وتيرتها، يُشير بكداش إلى “ان هناك نحو 10% من المصانع موجودة في الجنوب وأصبح وضعها صعبا نتيجة ما يجري”.
وتابع: “هناك مصانع على سبيل المثال في صور والغازية لا تزال تعمل بشكل طبيعي ولكن ثمة قلق وخوف لدى الإدارات والعمال من اتساع رقعة القصف”، مشيرا إلى ان “الوضع المتوتر أدى إلى انخفاض الاستهلاك في لبنان عموما وفي منطقة الجنوب خصوصا ما انعكس سلبا على المؤسسات الصناعية والتجارية وبالتالي أثّر على النمو الاقتصادي”.
وكشف انه “في بداية عام 2024 كانت عدة مؤسسات صناعية تُخطط لزيادة رواتب موظفيها ولكن بسبب ما يحصل في الجنوب والخوف من اتساع رقعة الحرب، اضطرت لإعادة حساباتها لأن “البلد على كف عفريت” ولسنا في وضع نُحسد عليه”، كما قال.
وأوضح بكداش انه “عقب الأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان عام 2019 وجائحة كورونا في الـ 2020 أصبحت المُنتجات المُصنعة محليا تُشكل 65 % من المنتجات الموجودة في الأسواق اللبنانية ونوعيتها تضاهي البضائع الأوروبية وبأسعار أرخص تُناسب المستهلك اللبناني وهي أقلّ من المستوردة بنسبة 25 %”.
التصدير إلى الخارج
يُشير بكداش إلى ان “لبنان خسر للأسف الأسواق الخليجية، فقيمة صادرات لبنان السنوية إلى السعودية كانت تتجاوز الـ 250 مليون دولار ونحن خسرنا هذا السوق إضافة إلى أسواق البحرين والكويت والامارات”، وأمل في أن “تحل هذه المشكلة قريبا في حال انتخاب رئيس جديد للجمهورية وعودة العلاقات مع الدول الخليجية إلى طبيعتها”.
وعلى الرغم من الصعوبات كافة، يؤكد بكداش ان “سنة 2024 ستكون سنة واعدة على القطاع الصناعي”، مشيرا إلى “تحسن في طلبات التصدير إلى الخارج”.
القطاع الصناعي الأكثر ازدهارا
وعن الصناعات الأكثر ازدهارا حاليا في لبنان، يلفت بكداش إلى ان “صناعة المواد الغذائية والأدوية وصناعة مواد التنظيف ومستحضرات التجميل تشهد ازدهارا كبيرا وإقبالا من قبل المستثمرين إضافة إلى أصناف جديدة أيضا وبجودة عالية”.
الاقتصاد غير الشرعي
من جهة أخرى، حذر بكداش من الاقتصاد غير الشرعي، وأشار إلى انه “بحسب إحصاءات وزارة المالية الصادرة عام 2018 كان يُشكّل الإقتصاد غير الشرعي 60% من حجم الإقتصاد العام في البلد ومن المتوقع في العام 2024 وفي حال لم يتم لجم هذا الأمر ان يتوسّع ليصل إلى 70 %، بمعنى أن الإقتصاد الشرعي سوف يدفع الضرائب عن الإقتصاد غير الشرعي”.
طالب لبناني يكتشف طريقة لإنقاص الوزن بمعدل 15 كجم أسبوعياً
KETO GURU
ويضيف: “40 % من المؤسسات عير الشرعية لا تدفع الضرائب ولا تسجل الموظفين في الضمان الاجتماعي وليس لديها أي سجل تجاري وهذا ما يُسمى بـ “التهرّب والتهريب” ويجب إيجاد حلول سريعة له”.
إذا على الرغم من الأزمات والتحديات استطاع القطاع الصناعي في لبنان ان يتحوّل إلى نموذج ناجح لقطاع ينمو بشكل لافت وأوجد نوعاً من المنافسة بنوعيته وأسعاره مع الإشارة إلى انه سجل زيادة في طلبات التصدير وتراجعاً في نسب الإستيراد.
وأظهرت الإحصاءات الأخيرة زيادة في عدد المصانع الجديدة في لبنان، إذ تخطّى عددها الـ 200 مصنع ما خلق مزيداً من فرص العمل للبنانيين الأمر الذي يبشّر بنمو اقتصادي واعد.