​الحريري ودّع بيروت: “سلفي” وشعارات الماضي خلفي

كتب داني حداد في موقع mtv:

ينتهي اليوم مفعول زيارة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، وهي حُمّلت، طيلة الأيّام الأخيرة، أكثر بكثير ممّا تحتمل، ما دامت عودته الدائمة غير محدّدة، لا بل هي مستبعدة في المستقبل القريب والمتوسّط.

لا يحتاج الحريري إلى حشدٍ عند ضريح والده، ولا في بيت الوسط، لتأكيد المؤكّد: هو الزعيم السنّي الأول في لبنان. لا يحتاج، خصوصاً، إلى الموكب الاستعراضي للنائب وليد البعريني، الذي يتماشى مع هواية الرقص التي شاهدناها في أكثر من فيديو لسعادة نائب عكار التعيسة، ولا إلى بعض المشاهد التي تابعناها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإظهار أنّ الحريري قادر، متى عاد للإقامة الدائمة في لبنان، على استعادة حضورٍ فقد بعضه في ظلّ غيابه القسري. 

لم نشهد، في غياب الحريري، زعامةً سنيّة تمدّدت جغرافيّاً أكثر من دائرتها الجغرافيّة الضيّقة. ولم يسعَ نجيب ميقاتي إلى وراثة ما تركه الحريري وراءه، لأسبابٍ عدّة على رأسها الكلفة الماديّة. لا يريد ميقاتي زعامةً تفقده درجةً على لائحة أصحاب المليارات التي تصدرها “فوربس”!
ولكنّ هذا الواقع لا ينفي واقعاً آخر: لا يمكن للحريري أن يعود إلى لبنان إلا إذا قرّر ذلك وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. لذا، فإنّ الحشود والمواكب وصور “السلفي” التي كانت بالمئات في أسبوع الزيارة لن تغيّر شيئاً في واقعٍ فُرض على الحريري ولم تتغيّر ظروفه بعد، وقد لا تتغيّر أبداً.

كما أنّ خطاب الحريري، الذي سمعه بعض من التقاه، لا يشبه أبداً خطاب مرحلة ما بعد اغتيال والده. هو كلامٌ مهادن لسوريا ولحزب الله، ومراهن على اتفاقٍ أميركي – إيراني، وعلى مرحلة تحسين في العلاقة بين الرياض وطهران. أمّا شعارات الساحات التي رُفعت في أكثر من ١٤ شباط و١٤ آذار فلم يسمعها أحدٌ من زائري بيت الوسط. ويعني ذلك أنّ خطاب الحريري، ولو في الغرف المغلقة، بعيدٌ عن مزاج الغالبيّة السنيّة.

لو كان الحريري يملك كتلةً نيابيّة اليوم لانتخب سليمان فرنجيّة. ولو أراد ترؤس الحكومة لاتّفق حتماً مع حزب الله. ويعني ذلك أيضاً أنّه بات عمليّاً في محورٍ آخر، أو إلى جانبه إن شئنا الدقّة أكثر. وربما يعتبر كثيرون أنّ هذه المواقف من باب الواقعيّة السياسيّة، وتنطلق من علم الحريري بالتحوّلات التي تشهدها المنطقة وهو يسعى للاستفادة منها.
ولكن، للتذكير فقط، زار الحريري لبنان لإحياء ذكرى استشهاد والده الذي لم يُحاسَب قاتلوه بعد. ربما بعض من التقطوا صور “السلفي” مبتسمين مع الحريري، في يوم الذكرى، نسوا ذلك. يراهن بعض محبّي سعد الحريري على أنّه لم ينسَ.

Exit mobile version