غادر الرئيس سعد الحريري بيروت، لكن ملائكته ستحضر لوقت طويل، على الأقل حتى يحين الوقت المناسب لعودته السياسية، خصوصاً وأنه ركز في كل أجوبته لجمهوره والسياسيين الذين التقوه على أن “كل شي بوقته حلو”، وهو تعبير ينطلق منه المحلل والإستشاري في مجال ديمومة الإعلام داوود ابراهيم، للتيقّن بأن التوقيت لم يحن بعد لأنه “لا يمكن تخيّل أننا نعيش أوضاعاً حلوة، ففي ظل الظروف السيئة هذه، لا يمكن تحقيق أي إنجاز، ومن هم في مواقع القرار والمسؤولية يقومون بتقطيع الوقت ليس إلاّ”، مستبعداً أن “يطمح الحريري للعودة في ظل الواقع المأساوي، وبدلاً من إعادة الوهج إلى موقعه وتأكيد حضوره ستكون مرحلة شلل وعجز، لذا لا يمكن الرهان على تغييرٍ من دون معطيات لا يملكها الحريري بعد.”
ويشير المحلل ابراهيم في حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، إلى “إعلان نوايا” من خلال بعض العناوين التي طرحها الحريري، كما الرسائل التي وجهها في أكثر من إتجاه، أكان في كلماته أمام جمهوره وأنصاره، أو إطلالته التلفزيونية أو استقبالاته وزياراته، وطالما هي باتجاهات مختلفة مع إعلان نوايا عن امكانية العودة فلا يمكن وصفها إلاّ بعناوين قابلة للبحث مع الأطراف التي قد ترى في هذه العودة الحريرية دفعاً لمشروعها، فالمعنيين في الداخل يعكفون على بحثها وبحث ما يمكن الخروج منها بنتائج.
ولكن ابراهيم يستدرك بأن “المشكلة حتى اللحظة هي في الخارج الذي لا يمكن عند رصد دوره، تخطّي المملكة العربية السعودية”، ويكشف أن “عين الحريري على ما سيصدر عن الرياض من مواقف أو تسريبات في شأن لبنان، مع ترجيح أن السعودية حتى اللحظة، لم تقرر خطوتها التالية بشأن لبنان، وهي على صعيد الإقليم مهتمة بغزة واليمن.” وحول اتجاهات الحريري وتحالفاته المرتقبة، يقول ابراهيم إن ” الحريري لا زال في اللحظة التي غادر لبنان فيها، ولا يملك تصوراً حقيقياً عن مستقبله في اللعبة الداخلية اللبنانية، وأما بشأن تموضعه وتحالفاته فهو ينتظر الإشارة السعودية، فإن كانت إيجابية سيجد نفسه أمام معضلة الإنفتاح على حلفاء المملكة في لبنان، مع العلم أن بينه وبينهم خصومة، وانفتاحه عليهم يعني أنه سيجد نفسه في خصومة مع الآخرين، فزيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي وجه بعض الرسائل إليه، قد تحمل إمكانية ترجمة سياسية ما ولكنها لا تلغي تحميله الحزب مسؤولية اغتيال والده، وفي هذا ما قرأه البعض على أنه أبعد من ربط النزاع بل هو تلويح بإمكانية العودة إلى لغة تصعيدية. فهل ستعود البلاد إلى نغمة السين سين سعد الحريري وسليمان فرنجية بما يعني ايران والسعودية، وهل يمكن تصور تمدد التسوية بين طهران والرياض إلى لبنان؟ هذا ما يستحق الرصد مستقبلاً”. ورداً على سؤال حول ما إذا كان يدعم ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان ومن المحتمل أن يقوم بدورٍ في ترجيح حظوظه الرئاسية، يرى ابراهيم، أن “استمرار التسوية الإيرانية – السعودية برعاية الصين أو أميركا هذه المرة قد يُخرج الدخان الأبيض ضمن سلة متكاملة، ولكن هذا الأمر لا بدّ أن يكون متصلا بالشأن الفلسطيني بشكلٍ أو بآخر، إلاّ أن التسوية الدولية بموضوع حل الدولتين لم تنضج بعد، ولسنا عشية حلّ أزمة الشرق الأوسط.” |