في حمأة الحروب والمعارك كما في حالة السلم والاستقرار، تشكّل “الاتصالات” مادة دسمة لا بل بابا محتَّما للإطباق على الهدف… فالحرب السيبرانية التي يخوضها أي عدو على لبنان لخرق مؤسساته ومرافقه، تحتّم التسلّح بتقنية عالية الكفاءة لمواجهة أي اختراق سيبراني لشبكاتها.
هل هذه التقنية متوافرة بشكل كافٍ في الوزارات والإدارات الرسمية وأبرزها هيئة “أوجيرو” للهواتف الثابتة، وفي شركَتي الهاتف الخليوي العاملتَين في لبنان؟ إذ مهما اتُخذ من إجراءات في الأمن الوقائي، تبقى فرضيّة الاختراق واردة، سواء عبر القرصنة أو أي وسيلة تقنية ومعلوماتية أخرى.
فهل خطوط لبنان مراقبة فعلاً؟
وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم يوضح في حديث لـ “الديار” أن “أي هاتف محمول من نوع Smart Phone يمكن التنصّت عليه أو ملاحقة صاحبه في حال كانت خدمة الـGPS مفتوحة فيتم تحديد موقعه الجغرافي، بمعنى أن أي شخص يُعرف مكان وجوده مجرّد حيازته هاتفا محمولا من هذا النوع، وذلك مرتبط بنظام “غوغل” العالمي وبالتالي لا علاقة له بشبكة الاتصالات. والجدير ذكره في السياق، أنه حتى لو تم إطفاء نظام “غوغل” في الهاتف أو إطفاء الهاتف بكامله، يبقى المجال مفتوحاً لتحديد موقع صاحبه. هذا الموضوع دفع بالكونغرس الأميركي إلى فتح تحقيق مع إدارة شركة “غوغل” لمتابعة هذه المشكلة، كونها المسؤولة الوحيدة عنها”.
بمعنى آخر، “مَن لا يريد أن يعرّض نفسه للخطر، يجب ألا يحمل هاتفاً محمولاً إطلاقاً” يقول القرم، “لذلك نلاحظ أن الأمنيين يحملون أجهزة اتصال قديمة الصنع لتجنّب معرفة مكانهم عبر الهاتف”.
وفي ما خصّ احتمال خَرق شبكة الاتصالات في لبنان بهدف التنصّت، يُشير القرم إلى “تحقيقات أُجريَت في شركَتَي “ألفا” و”تاتش” وكذلك في هيئة “أوجيرو”، وتم في ضوئها التأكيد على عدم وجود خرق للاتصالات إطلاقاً… لكن ذلك لا يمنَع في الوقت ذاته، حصول خرق “سيبراني”، إذ حتى البنتاغون في الولايات المتحدة يمكن تعطيله عبر تعرّضه لهجوم “سيبراني” على شبكة الاتصالات الخاصة به.
ويُضيف: من هنا، نحن معرَّضون كل لحظة لحدوث أي خرق في شبكة الاتصالات. إنما في الوقت الراهن لا نواجه أي مشكلة في هذا الإطار.
وعن العقد الموقَع مع الشركة الأميركية Acuative التي تردّد أن أصحابها وأبرز مديريها إسرائيليون، فيقول: لقد شاركت في جلستين للجنة الاتصالات النيابية في حضور مدير عام هيئة “أوجيرو” عماد كريدية ومسؤولين آخرين في الهيئة. وعند طرح موضوع العقد الذي تم وصفه بـ “السرّي”، تبيّن خلال المناقشات أن لا صحّة إطلاقاً لهذه المعلومات. فدور الشركة كان محصوراً جداً بحسب العقد الموقَّع، وقد سلمنا تقريراً بهذا الموضوع للجنة والنواب، وكان بغاية الشفافية. وشرح كريدية خلال الجلستين، أن هذا العقد الذي تردّدت شائعات أنه بملايين الدولارات، بلغت كلفته الإجمالية 175 ألف دولار فقط لا غير، وأعدّ وفق دراسة سطحية للشبكة وتحديداً لأسس بنائها، ولم يكن هناك أي مجال لأحد إطلاقاً النفاذ إلى الشبكة ولا في أي لحظة. كما
أن اللبنانيين الثلاثة العاملين في شركة Acuative والذين كانوا يوجدون في “أوجيرو” كان عملهم تحت رقابة دائمة من قِبَل مسؤولي “أوجيرو”.
ويستخلص القرم أن “هذا الموضوع يتم استغلاله لغايات معيّنة بين الحين والآخر. علماً أن الملف يعود إلى العام 2017، فمنذ ذلك الوقت إلى اليوم تغيّرت أسس الشبكة جذرياً”.
ولم يغفل الإشارة إلى البحث خلال اجتماع اللجنة، في “مشروع قانون تم إعداده في العام 2019 يتعلق بتأليف لجنة عليا لمتابعة الملف السيبراني، لكن لم يتم إقراره حتى اليوم. ووعدت اللجنة بمتابعة الموضوع لإقرار هذا القانون”.
عقد موظفي “الخليوي” على طاولة مجلس الوزراء قريباً
وفي المقلب الآخر، يتناول القرم رداً على سؤال، ملف مطالب نقابة موظفي ومستخدمي شركَتَي الخليوي “ألفا” و “تاتش”، والتي علّقت إضرابها تمهيداً للمفاوضات، ويقول: لقد صرّحت من مجلس النواب أنني “وزير تصريف أعمال” وبالتالي لا يجوز لي أن أحمّل الوزير الذي سيخلفني أعباءً بملايين الدولارات، فالقانون لا يجوز لي ذلك… وقد سبق وأكدت أن هذا الموضوع سأرفعه إلى مجلس الوزراء وسأضعه كبند على جدول أعماله، وما أزال عند موقفي.
وعما إذا كان الموضوع سيُطرح في الجلسة المقرّرة هذا الأسبوع، فيُجيب: لا أعتقد ذلك، بل الأسبوع المقبل. فالموضوع لا يزال قيد الدرس والتفاوض مع نقابة الموظفين، لأنني سبق وأعلنت أنني لا يمكن أن أتفاوض معها وهي في حالة الإضراب، لذلك باشرنا المفاوضات عقب تعليقه. سأجلس مع النقابة على الطاولة للتفاوض على خريطة طريق، لكن القرار النهائي سيخرج من مجلس الوزراء وحده… وهذا أمر محسوم غير قابل للنقاش.
ميريام بلعة-الديار