أثار فيديو أعيد نشره بكثافة في اليومين السابقين عن طريق عسكري وبنى تحتية وأنفاق لـ”حزب الله” ممتدة من البقاع مروراً بقرى جبيلية وصولاً الى البحر ردود فعل وقلقاً من قبل الاهالي. الفيديو الذي أعيد تداوله بعد تقارير غربية عن أنفاق معقدة وواسعة النطاق لـ”حزب الله” لا تقتصر على الجنوب اللبناني بل تمتد الى ما هو أوسع، حتى الحدود اللبنانية السورية.
الفيديو الصادر عن مركز الدراسات الإسرائيلي “ألما”، يزعم فيه الاحتلال أن الحزب أنشأ بنية عسكرية في جبيل لإطلاق صواريخ “فاتح 110” الضخمة والمسيّرات باتجاه إسرائيل.
ولاحقاً تبيّن أن الفيديو منشور منذ أكثر من 8 أشهر على موقع المركز الإسرائيلي، لكنه كشف النقاب عما كان يقال همساً في المناطق ويترافق بإشكالات في الجرود بين شبان من الطائفة المسيحية وآخرين من الطائفة الشيعية بغطاء المشاعات والتعدّي على الأملاك.
وبحسب مصادر من المنطقة فقد قام “حزب الله” منذ عقود من الزمن – لنقل عقدين ونصف – باستغلال حضوره في إدارات الدولة لشق طرقات داخلية في قضاء جبيل لا تقدم على صعيد المواصلات أي تقدّم أو إيجابية باستثناء ربط القرى الشيعية في قضاءي جبيل وكسروان بعضها ببعض دون الاضطرار للمرور بشبكة الطرق الرسمية أو في القرى المسيحية من جهة، وربط هذه القرى بالخزان البشري الشيعي في بعلبك.
وتضيف المصادر، أنه خُفض تصنيف وادي نهر إبراهيم كمنطقة أثرية، لتكبير القرى الموجودة، ووصل القرى الشيعية في منطقة جبيل بشبكة طرقات ما كانت موجودة في السابق، مروراً بمشاعات الدولة وبقوة بالأمر الواقع، وصل القرى بعضها ببعض بشبكة طرقات فرعية، ترافقت بشبكة ضخمة في الجرود وصلت منطقة أفقا لاسا بمنطقة البقاع وامتدّت نزولاً في اتجاه البحر المتوسط، ذلك أنه رغم وجود شبكة طرق محترمة ومعترف بها تربط كل أنحاء المنطقة من الجرد نزولاً الى الساحل، وتضمّ طرقاً معبّدة وواسعة مثل طريق عنايا – مار شربل، فوجئ الأهالي عام 1994 وفي عز الهيمنة السورية ورغم أن الأمور كانت هادئة بين السكان ولا يعكّر صفوها أي حزازات ومناكفات، بالحكومة اللبنانية تقرّر فجأة استملاك الأراضي ما بين بلدة بوداي البقاعية وبلدة أفقا في جرود جبيل.
وانطلقت الجرافات لشق الطريق عام 1995، تحت عنوان ربط المناطق اللبنانية وتسهيل أمور المواطنين الحياتية، علماً بأن المسافة من جبيل الى أفقا هي أقصر بكثير منها بين أفقا وبوداي وحدث بعلبك. لكن الكلام أخذ ينتشر بين الأهالي عن عنوان آخر هو ربط البقاع الشيعي بمنطقة جبيل الشيعية، وعن خط انتشار شيعي من حدث بعلبك – بوداي الى عمشيت لشق المنطقة المسيحية في جبل لبنان الى قسمين.
واستُتبع شق الطرق التي بقي جزء منها غير معبّد بحملة تشجير بمئات آلاف الأشجار ما أثار حينها اعتراض أبناء المنطقة وخصوصاً أنه امتد الى مشاع بلدة الغابات في كسروان، وطالبوا بمركز عسكري بالمنطقة.
في المقابل ينفي أحد الناشطين في القرى الشيعية ما ذكره الإعلام الإسرائيلي ساخراً من استخدام هذا الإعلام لرايات “حزب الله” وحركة أمل كدليل على وجود بنية عسكرية في القرى فيما من الطبيعي رفع هذه الرايات لأن أهالي القرى هم من جمهور هذه الاحزاب.
ويضيف: استعان المقطع المصوّر بصور لموظفي شركة تعهدات سد جنة معرّفاً عنهم بأنهم كشافة “حزب الله” وهذا أمر مضحك، بالإضافة الى وضع صور لنشاطات اجتماعية في لاسا باعتبار أنها اجتماعات، ولم تظهر صورة عسكري أو مقاتل أو بنية تحتية أو سيارة عسكرية بكل ما نشره.
أما بالنسبة الى النفق المصوّر، فهو مشاهد عن الطريق في قرية قرطبا المسيحية ونُفّذ لفحص طبيعة الأرض لمنطقة سد جنة الذي وقف العمل فيه وبإمكان أي كان الوصول إليه .
وعن الطرقات الفرعية والطرق التي تصل الى منطقة البقاع أكد أن “هذه الطرق لوصل محافظات لبنان بعضها ببعض وتسهيل حياة المواطنين وهي تخترق أكثر من قرية مسيحية وغير صحيح أنها فقط تمر في القرى الشيعية”.
الى ذلك أشار النائب فارس سعيد “لسنا في صدد تعقيد الأمور وألفت الانتباه الى أن هذا الطريق يمرّ في جرد العاقورة وجرد كسروان الفتوح ووادي نهر إبراهيم ووسط جبيل حتى البحر، ولا يمرّ بقرى مسيحيّة”، وتابع: “كان سبب قصف جسر الكازينو وجسر الفيدار في الـ2006 من قبل إسرائيل بهدف قطعه”. وأضاف: “قد يكون الفيلم الإسرائيلي مركّباً لكن نطالب بتفسيرات”.
وهذا ما استدعى رداً من نائب جبيل عن “حزب الله” رائد برو وقال على موقع “إكس” “إذا طل الدكتور من الشباك يرى النفق يمر في قريته (قرطبا) ويتذكر صوت جرافات الشركة البرازيلية التي حفرت النفق أثناء التزامها لمشروع سدّ جنة”، وتابع: “من يحب أن يعمل كزدورة في المواقع التي عرضها الفيلم، فأنا جاهز نهار الأحد لنترافق سوا”.
ليعود سعيد ويرد: “أعرف المنطقة أفضل منك لأنني أكبر بالعمر وهوايتي هي اكتشاف الطبيعة سيراً على الأقدام، وأعرف جنة وأنفاق جنة، وأعرف أن مصدر الخبر هو إسرائيلي، وإذا كان في منطقتنا مخازن أسلحة فهذا خطير، وإذا أرادت إسرائيل الفتنة بيننا فهذا أخطر”. وختم: “عليكم وعلى الجيش الذي نحترم طمأنة الجميع”.
وطالب سعيد بصدور بيان من الجيش اللبناني يفيد بأن الطريق الذي يسيطر عليه “حزب الله” من سهل البقاع حتى البحر المتوسط منطقة آمنة، معترفاً في الوقت نفسه بأن مشاهد الأنفاق في الفيديو هي منطقة جنة، لكن لا نعرف هل تُستخدم فقط لمشروع المياه فقط وخصوصاً أن العمل متوقف في هذه الأنفاق وهي كبيرة وهائلة.
وشدد سعيد على أن الطريق موجود من حدث بعلبك ومربوط بقرى شيعية وصولاً الى البحر المتوسط، مؤكداً أن الموضوع بدأ يثير القلق في المنطقة خصوصاً في ظل الاوضاع الراهنة فأي أعمال عسكرية في المنطقة تجعل المنطقة مستهدفة.
وطالب سعيد بجولة إعلامية على طول الطريق تريح الأهالي، ويصبح كل شيء أمام الجميع.
يُذكر أن وزارة الطاقة دخلت على خط السجال الدائر وأشارت الى أنه “عند التدقيق بالفيديو يتبيّن أن العدو يَعرض منشآت تابعة لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، وأبرزها النفق المنشأ لتحويل مياه نهر إبراهيم لزوم تشييد سد جنّة”.
وأشارت إلى أن “الفيديو يعرض الوادي المحيط بمحيط السد الذي نتج عن أعمال الحفريات التي نُفِّذت فيه ولا علاقة لهذه المنشآت بما يزعمه العدو حول بنى تحتية”. وأضافت أنه “اقتضى التوضيح والنشر منعاً لتمادي العدو في مزاعمه تبريراً لاستهداف منشآت تابعة لمؤسسات رسمية يُتوخى منها مصلحة عامة”.
“النهار”- اسكندر خشاشو