إن كان الديك يعلمنا بطلوع الفجر كلّ صباح، والكلاب تحذّرنا قبل وقوع الزلازل، فلكلّ واحد منّا الفرصة في أن يصبح إعلاميّاً، بمجرّد أن يعلمنا بالخبر”. تلك كانت بداية محاضرة استمعت إليها حول الفرق بين الإعلامي والصحافي. خلص الحديث حينها على أنّ “كلّ صحافي هو إعلامي، إنّما ليس كلّ إعلامي صحافيّاً”.
لكنّ الحياة ليست بهذه البساطة. ففي عصر مواقع التواصل، لا شيء مستحيلاً، لأنّ المساحة مفتوحة للجميع: للإعلامي والصحافي والمواطن العادي ومحبّي الأضواء ومتعطّشي الشهرة وغيرهم. على أيّ حال، كلّ ذلك لا يهمّ الآن. ما يهمّ فعليّاً هو أنّنا نعيش أوقاتاً عصيبة في ظلّ الحروب والأزمات، وما يجعلها عصيبةً أكثر هو انتشار الأخبار بكمّيّة وسرعة هائلتين، من هنا وهناك، مهما كانت درجة صحّتها، ما يجعل المصيبة مصيبتين، ويعطي الفرصة لكلّ مواطن، لا أن يسمّي نفسه إعلاميّاً فقط، لا بل صحافيّاً.
“يمكن تعريف صحافة المواطن بأنّها الصورة أو الخبر الذي ينقله المواطن إلى غيره عندما يكون قريباً من الحدث”. هذا ما أشارت إليه الأستاذة الجامعيّة الدكتورة جوانّا عازار، مضيفةً: “صحافة المواطن سيف ذو حدّين بالنسبة إلى الصحافي المهني. فأحياناً يكون المواطن أقرب إلى الحدث، ما يعطيه الفرصة في أن ينقل الخبر قبل وصول الصحافيّين إلى التغطية. بالتالي، انخراط المواطن في الأحداث وعيشه إيّاها، وتصويرها، يساهم في نقل الصورة من منظور قيّم وقريب، يستفيد منها الصحافي لاحقاً، ما يجعلها خطوةً إيجابيّة”.
من جهةٍ أخرى، تتابع عازار: “المصداقيّة والمعايير الأخلاقيّة المعتمدة في نقل الخبر هما المصطلحان الأساسيّان اللّذان يساهمان في تفريق الصحافي عن غيره. فقانونيّاً، يحاسب الصحافي على أيّة معلومة مضلّلة ينشرها. لكنّ ما سبّبته مواقع التواصل، هو أنّها أعطت الحقّ للجميع في نقل الأخبار مهما كانت، من دون لا حسيب ولا رقيب، وبسرعة فائقة”.
هكذا، سهّلت مواقع التواصل حياتنا في كلّ شيء. فهي لم تسهّل فقط طريقة وصولنا الى الأخبار، لا بل سهّلت طريق وصول أيٍّ منّا إلى الشهرة، حتّى ولو كان ذلك على حساب قصص الناس وأخبارهم. من هنا، يقع الصحافي المهني أمام خيارين: إمّا أن يتعطّش إلى الأضواء، أو أن يجعل الناس تتعطّش إلى مصداقيّته.
ماري جو متى – موقع mtv