يمكن القول إن المبادرات التي تولد في أيامنا هذه تأتي بطلب وتنسيق مع “اللقاء الخماسي” الذي يسعى جاهداً لخرق جدار الأزمة الرئاسية ومفتاحها رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يقفل باب مجلس النواب ويرفض فتحه إلاّ بشروط باتت واضحة للجميع.
آخر المبادرات التي ولدت هي مبادرة تكتل “الإعتدال الوطني”، وقد تمّ تلقفها بايجابية من معظم الفرقاء السياسيين. لكن هذا لا يعني أنه ليس هناك قطبة مخفية في هذه المبادرة، ولا بدّ من فكّ شيفرتها لتبيان حقيقة ما يدور في الكواليس الخارجية والداخلية.
يعمل “اللقاء الخماسي” على تحقيق هدفٍ رئاسيٍ محددٍ وهو إجبار الرئيس نبيه بري على الذهاب باتجاه جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس، والرئيس بري يريد أن يسبق هذا الخيار حوار، لاعتقاده بأن الحوار يزيل عدة عراقيل من أمام مرشّحه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.
إذاً، عنوان المقايضة أن يأخذ بري الحوار مقابل أن يوافق على فتح مجلس النواب لاجراء جلسات انتخاب مفتوحة كما تريد قوىً للمعارضة، وهذا الأمر تحققه مبادرة تكتل “الإعتدال” المبنية على المناقشات أولاً وجلسات الإنتخاب ثانياً.
يظن “اللقاء الخماسي” وبعض قوى الداخل أن تجربة العام 2016 حين تمايز الثنائي الشيعي، “حزب الله” وحركة “أمل” في الملف الرئاسي يمكن أن تتكرر اليوم، وقتها الحزب اقترع لميشال عون ونبيه بري اقترع بورقة بيضاء. اليوم هناك من يريد إعادة هذه التجربة عبر فصل بري عن الحزب ولم لا؟ إقناع بري بمرشح ثالث “توافقي”.
وفي الكواليس الضيقة، عُلم أن دولة قطر طلبت من رئيس “التيار الوطني الحر” إبلاغ الرئيس بري موافقة التيّار على الحوار، في المقابل يسعى التيار إلى التوافق مع بري على خيار ثالث، بمعزل عن الحزب، وهناك عدة أسماء يمكن أن يلتقي حوّلها بري وباسيل.
ويربط البعض بين هذه الخطوة لباسيل وبين تحرّك “الإعتدال الوطني”، الذين يبدو أنه من شغل يد خفية واحدة قطرية، تريد الدفع بإتجاه فتح مجلس النواب على جلسات مفتوحة مع رهان على استقطاب الرئيس بري إلى اتفاق من “تحت الطاولة” حول اسم ثالث يشكلّ تقاطعاً بين بري وباسيل وجنبلاط و”الإعتدال”، حتى لو بقي خارجه “حزب الله” لإلتزامه الذي لا يتزحزح عن سليمان فرنجية، ولو استثنت منه المعارضة وعلى رأسها “القوات اللبنانية” لرفضها مرشح صفقة بري-باسيل المضمورة، بذلك تكون هذه الطبخة بمثابة ضرب مبكّل يتحضّر ضد “القوات اللبنانية” ومن خلفها قوى المعارضة.
وهنا لا بدّ من طرح عدّة تساؤلات. هل ستجري الأمور وفقاً للمخطط المرسوم وستفضي المناقشات النيابية إلى اتفاق ٍعلى الأسماء؟ وفي حال تكرّر سيناريو سليمان فرنجية – جهاد أزعور في الدورة الأولى، من من النواب سيلتحق بموكب الآخر في الدورة الثانية؟ ومن سيكون حينها الإسم الخفّي الذي تمّ التوافق عليه سرّاً مع بري خلال الجلسات، خصوصاً أن الفوز يحتاج 65 صوتاً بحضور 86 نائباً؟