يُعتبّر لبنان دولة التّناقضات بامتياز. ففي البلد حالياً، صورتان متناقضتان: الأولى تتمثّل بالحرب في الجنوب، وما يشهده من قصف إسرائيليّ متواصل أدّى إلى نزوح عدد كبير من المواطنين، فيما قرّر آخرون الصّمود في منازلهم، لأسباب مُتعدّدة. أمّا الصّورة الثّانية، فيُمكن أن نلحظها في المناطق اللّبنانيّة الأخرى، فالحديث عن الحرب الشّاملة لم يلهِ الشّعب عن الاستمرار بحياته، حتّى أنّه يُمكن القول إنّه تأقلم مع أزمات عدّة سابقاً، كالأزمة الاقتصاديّة والمعيشيّة.
ترى الاختصاصيّة في علم النّفس الإجتماعيّ مي مارون أنّ “لبنان، وبطبيعة تركيبته، لطالما كان بلداً شهد احتلالات عدّة من قبل دول وحضارات أخرى، كالفرس والعثمانيّين والفرنسيّين وسواهم، وهذا ما يُثبته التّاريخ”، مشيرةً إلى أنّ “الشّعب آنذاك تعوّد في تلك المرحلة على المُحتلّ”.
ولفتت، في حديث لموقع mtv، إلى أنّ “تأقلم اللّبنانيّين مع الأزمات، من حروب وفقر وفساد، من دون أن يكون هناك أي أمل في إحداث ثورة تُغيّر الواقع، هو أمرٌ مخيف”.
وتسأل مارون: “كيف يمكن للشّعب أن يتأقلم مع الكوارث؟ ماذا يتبقّى من كرامته الإنسانيّة ومن حقوقه؟”، مؤكّدةً أنّ “التّأقلم يُعتبَر أمراً خطيراً، وهو ميزة غير جيّدة”.
وتُضيف: “قسمٌ من اللّبنانيّين لا يتأقلم ويغادر البلد، فيما القسم الثّاني مُجبر على التّأقلم”.
وتختم مارون، مشيرةً إلى أنّه “لا يمكننا انتقاد تأقلم اللّبنانيّين مع المآسي، لأنّ الثّورة والتّغيير يحتاجان إلى وقت، ويبدو أنّ مسيرة لبنان معهما لا تزال بعيدة، فهو بلد “صغير نسبيًّا بالعمر”، نسبةً إلى نيله استقلاله، ويجب أن يكون عمر البلد طويلاً لبناء نفسه، لكن، هذا الأمر لا يُعتبر تبريراً للتّأقلم”.
لا حلّ أمام غالبيّة المواطنين اللّبنانيّين سوى التّأقلم مع الأزمات، في ظلّ ما يعيشونه من ضغوطات تُثقل كاهلهم، رغم أنّ هذا الأمر خطير على المدى البعيد، فالتّغيير ضروريّ من أجل الأجيال المُقبلة. فهل ما نعيشه يُصَنَّف صموداً أم يأساً؟
رينه أبي نادر – موقع mtv