يتقدّم مرشح “الخيار الثالث” رئاسياً على ما عداه هذه الأيام، وفي تحركات المعنيين جميعهم، من سفراء دول أجانب وعرب (المجموعة الخماسية التي تضم سفراء الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ومصر وقطر والمملكة العربية السعودية)، ومبعوثين دوليين، بينهم وزير الخارجية الفرنسي السابق أوبير فيدرين وآخرون جدد انضم اليهم الوسيط الدولي الأميركي أموس هوكشتاين، الى كتل نيابية محلية بينها تكتل “الاعتدال الوطني” الشمالي.
حركة على الجبهتين الجنوبية مع إسرائيل، والداخلية لسد الشغور الحاصل في موقع رئاسة الجمهورية منذ 31 أكتوبر 2022.
يتحاور الأفرقاء في لبنان مع بعضهم هذه الأيام، مباشرة او بالواسطة عبر الموفدين الأجانب او نواب من الكتل الكبرى، او منفردين يحاولون تقريب وجهات النظر، بينهم النائب عن البقاع الغربي الطبيب غسان سكاف.
لم يعد البحث في الملف الرئاسي اللبناني مسألة مقفلة، وان تكن العملية لم تفتح بالكامل، مع تمسك كل من أفرقاء النزاع بأوراق القوة التي يملكها.
والجديد الذي خرج الى العلن ما كرره رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل، من استحالة ذهاب “الثنائي الشيعي” الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، دون المعرفة المسبقة باسم الرئيس العتيد.
وفي مقاربة من زاوية أخرى للملف الرئيسي حول لجوء رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقد جلسات انتخابية مفتوحة بدورات متتالية، ذكر مصدر سياسي لـ”الأنباء” ان بري يفضل التفاهم مسبقاً مع الجميع، “تفادياً لمفاجآت غير سارة” قد تسفر عنها الانتخابات الرئاسية، بينها مثلاً فوز المرشح المدعوم من “الثنائي الشيعي” رئيس “تيار المردة” سليمان بفرنجية في دورة الاقتراع الثانية او الثالثة بالأكثرية المطلقة (النصف زائد واحد) بنيله 65 صوتاً.
وذكر المصدر ان الرئيس بري “لا يحبذ فوز رئيس في صندوق الاقتراع بشكل قد يستفز شريحة كبرى معنية بالرئاسة، اي الطوائف المسيحية ومرجعيتها المارونية الوطنية بكركي”.
ويتفادى رئيس المجلس فارق “الصوت الواحد” الذي يرجح كفة فرنجية الرئاسية، كما حصل مع جده سليمان قبلان فرنجية في دورة الاقتراع الثالثة للانتخابات الرئاسية في 1970، يوم نال 50 صوتاً مقابل 49 للمرشح المنافس حاكم مصرف لبنان الياس سركيس، وقتذاك أعلن نائب رئيس المجلس النيابي ميشال ساسين “باسم الشعب اللبناني ووفقاً للمادة 49 من الدستور” فوز فرنجية بالرئاسة.
اعلان من ساسين بعد تمنع رئيس المجلس صبري حمادة عن القيام بالخطوة، ومغادرته القاعة العامة الى مكتبه في مبنى البرلمان بساحة النجمة.
لا يريد الرئيس بري اقفال الملف الرئاسي بغالب ومغلوب، لذا يدعو الى التفاهم المسبق الذي، وبحسب اعتقاده، يؤسس لعهد ناجح.
موقف قد لا يتلاقى مع ما أثير عن طرح الموفد الدولي هوكشتاين حلاً رئاسياً بثنائية فرنجية في رئاسة الجمهورية والسفير مصطفى أديب في السرايا الحكومية رئيساً للوزراء. وفي الخطوة شيء أساسي من المبادرة الفرنسية الأولية التي قامت على تسمية فرنجية رئيساً للبلاد.
اما “الخيار ثالث” المطروح للتداول، فقد لا يشهد اعتراضاً من “الثنائي الشيعي” بمعية الرئيس بري، وخطوته الأولى في التفاهم وإسقاط التحفظات عن المرشحين جميعهم، وبينهم سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون.
وكرر وفد “حزب الله” الى الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون فصل الاستحقاق الرئاسي اللبناني عن الحرب في غزة. وفي الخطوة مؤشر الى “الأخذ والرد” في شأن مواصفات الرئيس الجديد وتالياً اسمه.
لم يأتِ طرح الرئيس بري اسم مرشح جدي للرئاسة متسائلاً أمام أحد الأفرقاء: “بتمشو فيه؟” الا من باب المرونة ومد اليد تجاه المعترضين على دعم “الثنائي” لفرنجية. والمرشح المعني يملك “ضمانات خارجية غير معلنة” بحسب محامٍ لامع وناشط سياسي.
والحل الرئاسي لا بد ان ينسحب انفراجاً في موقع شاغر السرايا الحكومية في العهد الجديد، والجهة التي تطرح الاسم تمهيداً لنيله الاصوات في الاستشارات النيابية الملزمة.
ملف رئاسي غير مقفل، لكنه ليس بالضرورة على نار حامية. وحتى الآن يلعب بري دون سواه دور “ضابط الايقاع”. ويستعيد البعض ميل رئيس المجلس الى تفادي المفاجآت، بتكرار ما أبلغه للعماد ميشال عون قبل انتخابه رئيساً: “النصاب في جيبي لكني لا ألعب لعبة التعطيل”، وأضاف مخاطبا ًعون اثناء زيارة الأخير لرئيس المجلس في عين التنية: “لن اقترع لك”. وبعدها أنجز الاستحقاق الرئاسي ووصل عون الى قصر بعبدا.
ناجي شربل- الأنباء الكويتية