لا تزال قصة “الأرز المسرطن” تسيطر على وسائل الاعلام اللبنانية ومواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن كشفت تحقيقات عن كارثة صحية خطيرة تهدّد صحة المواطنين، حيث تم بيع 24 طنًا من الأرز المسرطن في الأسواق اللبنانية من دون موافقة الجهات المعنية.
ومتابعة لهذه الفضائح، اجتمعت لجنة الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط، برئاسة رئيسها النائب فريد البستاني، وناقشت موضوع الامن الغذائي من ناحية إدخال منتجات غير مطابقة للمواصفات.
وعقب الإجتماع، أكّد البستاني أنّ “موضوع الأرز عمره 7 أشهر والبضائع توزعت في الأسواق وتتم معالجة المسألة في القضاء”.
مسرطن أم سليم؟
غالباً ما يحتوي الأرز على ترسبات كيميائية بسبب المبيدات التي تستخدم لزراعته، غير أنّ هذه الترسبات لا تكون دائماً ضارة أو مؤذية للإنسان.
وهذا ما أوضحه نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، في حديث صحافي: “الجدل الكبير الذي أثير حول مواصفة مادة “الأرُز” منذ العام 2018، ويعتبر أن المستويات المطلوبة لمواصفة ترسّبات المبيدات الزراعية هي تعجيزية، فيما هناك بلدان كاليابان والولايات المتحدة الأميركية تقبل بمستويات أعلى بكثير من تلك المحدّدة في لبنان، وتصل إلى0.03 % و0.09% وبالتالي إن نسبة الترسّبات المحددة في لبنان 0.01 mg/kg هي نسبة تعجيزية، في حين تشترط دول الاتحاد الأوروبي هذا المعدّل من أجل حماية منتجاتها ومحاصيلها الزراعية. لكن لا يمكن اعتبار المواد مُسَرطنة في حال تخطّت نسبة الـ0.01%.”.
ورأى بحصلي أنّ هناك “الكثير من التهويل في مواصفة ترسّبات المبيدات الزراعية، وهو في غير محله على الإطلاق، خاصّة وأنّ مستوى الترسّبات الذي تحدّده الدولة اللبنانية 0.01% هو مستوى متدنٍ جداً”.
وقال أنه “في حال تخطّت ترسّبات المبيدات الزراعية نسبة الـ0.01mg/kg، يبقى المعدل طبيعياً ولن تكون مُسَرطنة إطلاقاً، لذلك لا داعي للخوف في هذا الشأن. فالكلام عن أن اللبنانيين يأكلون مواد غذائية وحبوباً مستورَدة “مُسرطنة” هو كلام مُبالَغ فيه”.
ماذا تقول “الصحة العالمية”؟
بحسب منظمة الصحة العالمية، “هناك أكثر من 1000 نوع من مبيدات الآفات يجري استخدامها في كل أنحاء العالم لضمان عدم تضرر المحاصيل الغذائية أو تلفها بسبب الآفات. ولكل مبيد خصائص مختلفة وآثار سميّة متباينة”.
ومن الممكن أن يبقى العديد من مبيدات الآفات القديمة الزهيدة الثمن (غير الحائزة على براءة اختراع) لسنوات في التربة والمياه، مثل ثنائي كلورو ثنائي فينيل ثلاثي كلورو الإيثان (دي دي تي) والليندين. وقد حُظرت هذه المواد الكيميائية في البلدان التي وقعت على اتفاقية ستوكهولم لعام 2001، وهي معاهدة دولية تستهدف إنهاء أو تقييد إنتاج واستخدام الملوثات العضوية الثابتة.
وتُعتبر مبيدات الآفات من بين الأسباب الرئيسية للوفاة بسبب التسمم الذاتي، ولا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وإذ كانت مبيدات الآفات سامة بطبيعتها وتُنشر في البيئة عمداً، فإن إنتاجها وتوزيعها واستخدامها تستدعي تنظيماً ورقابة صارمين. كما يتعين الرصد المنتظم لمخلفات مبيدات الآفات في الغذاء والبيئة.
وتصبو منظمة الصحة العالمية إلى هدفين في ما يتعلق بمبيدات الآفات: “حظر مبيدات الآفات الأشد سمية بالنسبة للإنسان، فضلا عن مبيدات الآفات التي يستمر وجودها في البيئة لأطول فترة زمنية، وحماية الصحة العامة عن طريق وضع حدود قصوى لمخلفات مبيدات الآفات في الغذاء والمياه”.