قبل نحو شهرين وُقع اتفاق رعته وزارة التربية بين اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة ونقابة المعلمين وصندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في الخاص يقضي بتأمين مبلغ 60 مليار ليرة شهرياً لتغطية دفع المعاشات التقاعدية مضاعفة 6 مرات لمن يتقاضاها من صندوق التقاعد بدءاً من الأول من كانون الثاني 2024. أبلغ اتحاد الخاص إدارات المدارس بصيغة الاتفاق الذي وافق عليه مجلس الوزراء ويشكل بديلاً موقتاً عن قانون التعويضات الذي رده رئيس الحكومة إلى مجلس النواب.
تمكن الصندوق من دفع الرواتب الجديدة للمتقاعدين في الخاص بعدما تم توفير 100 مليار ليرة من المدارس التي التزمت بمبلغ 900 ألف ليرة سنوياً عن كل تلميذ لديها، أي أقل من دولار واحد شهرياً، ليتبين خلال الأسبوع الماضي أن نسبة 46 في المئة من المدارس التزمت بالدفع وبعضها لم يسدد المبلغ كاملاً، فيما تخلفت 56 في المئة من دون مبررات وكأنها تخوض معركة وجود ضد معلميها، ولتضع صندوق التقاعد في عجز عن دفع رواتب المتقاعدين آخر الشهر الجاري، وهو ما يرمي أكثر من 5 آلاف متقاعد إلى حافة الجوع بعدما كانت رواتبهم أصلاً لا تتعدى الـ30 دولاراً قبل الاتفاق.
وإذا كان هذا الوضع المستجد قد دفع وزارة التربية إلى التحرك وتوجيه تحذيرات إلى المدارس المتخلفة باتخاذ إجراءات تصل الى تجميد تواقيع المديرين، فإن المحاسبة يجب أن تكون اشد وصولاً إلى التوصية بسحب التراخيص، ذلك أن عدم الالتزام بالبروتوكول يعني أن بعض المدارس لا تأبه لا باتفاقات ولا قوانين طالما هي في الأساس اعترضت على قانون التعويضات الذي ينص على اقتطاع نسبة 8 في المئة بالدولار الاميركي من مساعدات المدارس الخاصة للمعلمين، و8 في المئة بالليرة اللبنانية من الرواتب. وبما أن القانون عاد إلى مجلس النواب ولا يزال معلقاً، فإن عدم الالتزام بالاتفاق الموقت يشكل طعنة للمعلمين وللوزارة وأيضاً لاتحاد الخاص الذي شارك في صياغته وتعهد تطبيقه منعاً للتصعيد والاضرابات في المدارس.
يتبين من خلال جداول صندوق التعويضات أن نسبة 54 في المئة من المدارس لم تسدد نهائياً المتوجب عليها وبينها مدرسة كبرى في بيروت أقساطها للتلميذ الواحد لا تقل عن 10 آلاف دولار، وحتى جزء من المدارس الكاثوليكية التي تعهد أمينها العام الأب يوسف نصر بتسديد كل المبالغ وشارك أيضاً في التوقيع، لم تلتزم، ولم تسدد المدارس التابعة لـ”حزب الله” متوجباتها أقله لمعلميها المتقاعدين، والقسم الاكبر من المتخلف هو من المدارس الافرادية، إذ يسعى بعضها إلى استيفاء المبالغ من الأهالي. أما أبرز المدارس التي سددت، إضافة إلى القسم الأكبر من الكاثوليكية، فهي المدارس الإنجيلية والأرثوذكسية والمقاصد والمبرات ومدارس أمل التربوية ومدارس الليسيه الفرنسية، فضلاً عن عدد من المؤسسات الخاصة، لكن مدارس كبرى في جبل لبنان وبيروت والجنوب لم تسدد المترتب عليها.
لا شك في أن الاخلال بالاتفاق الذي يحمي صندوق التعويضات، سيؤدي إلى بلبلة وفوضى تخدم اقتراحات تفكيكه، أو انشاء صناديق بديلة. وإلى أن يحسم مجلس النواب بالقانون المعاد إليه، لا بديل عن تطبيق البروتوكول الذي بات بمثابة نص ملزم للمدارس الخاصة التي يبلغ عدها 1250 في كل لبنان لجمع 720 مليار ليرة سنوياً تشمل ايضاً الذين سيحالون إلى التقاعد. وإذا كان الأساس يبقى في إعادة إقرار قانون التعويضات لحماية المعلمين وحفظ حقوقهم، إلا أن المرحلة الاستثنائية تستدعي من الجميع تحمل مسؤولياتهم، ولتحسم وزارة التربية الأمر بإجراءات لا تكترث للتغطيات والحماية السياسية والطائفية.
“النهار”- ابراهيم حيدر