لا تقتصر الجرائم والإنتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية على الإغتيالات والتدمير الممنهج للقرى والبلدات الحدودية، بل تطاول المدنيين كما تركّز على الصحافيين وفق ما يُسجّل منذ تشرين الأول الماضي، وهو ما كشفه التحقيق الذي أجرته الأمم المتحدة الذي أكد أن دبابةً إسرائيلية قتلت المصور عصام عبد الله في 13 تشرين الأول الماضي، بإطلاق قذيفتين على مجموعة من الصحافيين، وذلك في انتهاكٍ للقانون الدولي.
ويناقش المحلل والإستشاري في مجال ديمومة الإعلام داوود ابراهيم، هذا الإتهام مؤكداً إن لبنان “هو في قلب حرب غير معلنة، واستهداف الصحافيين هو محاولة ترهيب هدفها إسكات صوت الحقيقة ولمنع نقل وقائع الوحشية الإسرائيلية”.
وفي حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، يلفت المحلل ابراهيم إلى أن الرأي العام العالمي والعربي، ورغم كل ما وصله من أخبار عن حجم المجازر التي ارتكبتها إسرائيل، لم ينجح في وقف آلة الحرب”.
ولذلك يقول المحلل ابراهيم إن استهداف الصحافيين يهدف إلى “الحؤول دون نقل صورة كل الإستفزازات والإعتداءات الإسرائيلية على لبنان، بحيث إذا توسعت دائرة المواجهة لا يعلق في الأذهان ما ارتكبته إسرائيل واعتداءاتها إلاّ في حال أصبحت مواجهة بين طرفين”.
وعن المقاربة في صفوف الرأي العام حول هذه الحرب، يوضح ابراهيم إن “الرأي العام اللبناني كما هو كان ويبقى، فلا يوجد موقف موحد من العدو ولا من الصديق، ولا يوجد خطة حكومية فاعلة لمواجهة التطورات، حيث تبدو السلطة السياسية الرسمية في إجازة، ذلك أنه رغم أننا نعيش كل هذه المواجهات التي تتوسّع، لا يظهر لبنان الرسمي بصورة الدولة، فلا خطوات ولا إجراءات ولا تحركات للتصدي لكل ما يحصل بشكل دبلوماسي عالمي أو إقليمي عربي او غربي، فلبنان في حالة إنكار”.
وعن الإنقسام على مستوى الشارع، ووفق ابراهيم فإنه “يمكن ملاحظة ما حصل مع إحدى الراهبات التي انتشر فيديو لها وهي تدعو الطلاب للصلاة للبنانيين الذين يقفون ضد الأطماع الإسرائيلية، فإذا بهذا الموقف يصبح مادة خلافية وينتهي الأمر بإسكات الراهبة، وما جرى هو صورة الوطن”.
وعن الخشية من توسّع الحرب، يجزم ابراهيم بأن هذه الخشية “حقيقية، حيث أنه حتى الآن تتفادى المقاومة في لبنان الإنزلاق نحو مواجهة أكبر، رغم حجم الخسائر في صفوف المدنيين اللبنانيين، واستهداف أماكن في العمق اللبناني وسقوط ضحايا إضافيين بشكل متواصل.”
ويستدرك ابراهيم بأنه “في حال ارتكبت إسرائيل مجزرةً في حق المدنيين بشكل أكبر من أن يستطيع حزب الله الإستمرار في كبح نفسه عن الردّ بالمثل في ظل شارع يطالب بفتح الجبهات وليس المشاغلة فحسب، فإننا نكون قد اقتربنا من لحظة الإنفجار، حيث أن عدم التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار وتسوية في غزة، يُمكن أن يحمل المزيد من التصعيد والمخاطر باندلاع حربٍ أوسع، من دون إغفال أن الإدارة الأميركية بدأت تدخل في أجواء الإنشغال بمسألة الإنتخابات الرئاسية”.