حطمت سيدات من لبنان الحواجز، في قفزات مميزة خلال الأيام الماضية، بشكل غير منتظر أو متوقع. أطاح بكل التفوق الذكوري، الذي تراكم خلال السنوات الماضية. مما ظهر وكأنه هجوم نسائي كاسح في وجه تفرد رجال لبنان في قيادة البلاد، من فشل إلى فشل، بشكل مضاعف ومستمر.
وبما أن مبادىء الطبيعة والفيزياء، تثبت أنها تكره وترفض الفراغ، فمن الظاهر أن سيدات لبنان، هن باتجاه تعبئة هذاالفراغ المتراكم والمتفاقم في الشخصية القيادية اللبنانية.
بالتوازي مع يوم المرأة العالمي، الذي يصادف في الثامن من شهر اذار، من كل عام، فرح اللبنانيون هذه السنة بالأنباء التي أعلنت وكشفت أن اللبنانية ياسمينا زيتون الجنوبية، ابنة كفرشوبا الحدودية التي تتعرض للقصف والهدم والتدمير، حلت وصيفة أولى لملكة جمال العالم، بعد أن كانت فازت بالمركز الأول بين المتباريات من قارتي آسيا وأوقيانيا.
سر نجاح وفوز زيتون، ليس جمالها وسحرها الشرقي وأنوثتها الطافحة فقط، بل ثقافتها وشخصيتها القوية، وسرعة بديهتها الظاهرة والقوية، والتي ساعدتها على فرض نفسها في مسابقة جمال لبنان والعالم، مما أفسح لها المجال للوصول بقوة إلى هذا الموقع.
في أول تصريح لها قالت زيتون: “حلمي هو إقامة مطبخ مجاني للفقراء”. أضافت: “فعلتُ كل ما في وسعي ونقلتُ صوتنا كلبنانيين، وتحدثتُ عن كل ما يحصل في لبنان، وحاولتُ أن أظهر للعالم كم أن شعبه قوي ومميز”.
قالت رداً على سؤال مشترك للمتنافسات: “تعلمت بحكم نشأتي في لبنان كيف أنشر الحب أينما حللت، وكيف أكسب الاحترام وأقف على رجليّ كلما وقعت”.
وفي إشارة إلى انفجار مرفأ بيروت الذي أدى إلى أكثر من 220 قتيلاً و6 آلاف جريح ودمر أحياء واسعة من العاصمة بيروت في اب 2020، قالت “حتى أكبر انفجار غير نووي في التاريخ لم يستطع أن يجعلنا نتوقف عن الحلم وتحقيق الإنجازات”.
بمعنى، زيتون الجميلة لم تكتف بالجمال فقط. بل وضعت لنفسها مهمة إنسانية نضالية لاطعام الفقراء، ولنصرة بلدها للقيام من تحت أنقاض انفجار سببه التآمر والإهمال والفساد.
وتكون زيتون الجميلة، الساحرة قد تفردت وتفوقت على رجال السياسة في لبنان وحتى التغييرين والثوريين منهم.. بأنها وضعت برنامجاً إصلاحياً تقدمياً ونضالياً واضحاً وقوياً، يتلخص بهدف مساعدة الفقراء ومن ثم النهوض من تحت الأنقاض، فيما القادة السياسيون يتخبطون في مكانهم وفشلهم وصفقاتهم وأوساخهم.
أما السيدة الثانية المتميزة هذا الشهر، فقد تمثلت بالراهبة الأخت مايا زيادة، التي دعت طلابها في مدرسة الحبل بلا دنس في غبالة الكسروانية إلى الصلاة لأهل وشهداء الجنوب!
لقد ضربت الأخت الراهبة مايا زيادة، وبغض النظر عن ملابسات هذا الموقف، ضربة صاعقة تحت الزنار لكل البيئة المغلقة المحيطة بها. وهو موقف يحسب لها بتميز كبير، وشجاعة لا يمكن إنكارها والهروب منها.
وقد دلت الراهبة زيادة بموقفها المتفرد، عن شخصية قيادية متميزة، بغض النظر عن الموقف من موقفها السياسي، ليس من مجال إلا النظر إليه بتقدير واحترام.
لكن التفرد والتميز الذي طاف من كفرشوبا الجنوبية، إلى غبالة في قلب كسروان المارونية، لاقته ابنة قانا الجنوبية فرح دخل الله اللبنانية البريطانية، بأن عُينت كأول عربية وأول لبنانية ناطقة باسم قيادة حلف شمالي الأطلسي الناتو.
ليس أمراً بسيطاً أو عابراً، أن تصبح اللبنانية الجنوبية البريطانية ابنة قانا كما تردد، ناطقة باسم الناتو. فما من شك أن المرأة اللبنانية والعربية قد سجلت في هذه الخطوة قفزة إلى الأمام لا يستهان بها.
فهي من جهة تتربع على عرش الجمال العالمي المثقف والرؤيوي، ومن ثم تقف بقوة في غبالة في تفاعل وتواصل وطني إسلامي مسيحي مع ما يجري في الجنوب، لتنتقل إلى حلف شمالي الأطلسي على رأس مركز مرموق وحساس.
صحيح ان دخل الله، لن تتعاطف مع أطفال غزة او الجنوب اللبناني، من زاوية حماس أو حزب الله أو منظور وطني عام. لكنها سجلت تفوقاً وتقدماً إضافياً لفكرة أن لبنان قادر على التميز بنخبه، وخصوصا الشابة والنسائية. وهي إثبات إضافي، على تراكم فشل رجاله، في قيادة البلاد إلى حد أدنى من الاستقرار والتوازن والثبات.
هذا التراكم الإيجابي من سيدات لبنان، وسط هذا الكم الكبير من فشل رجاله، في القيادة للخروج من المأزق الوطني، قد يفسح المجال لتجارب نسائية قيادية بعد تفوق في الفشل الذكوري.
بعد ذلك لم يعد جائزاً منع السؤال الملح بقوة، لماذا لا تصل سيدة إلى رئاسة جمهورية لبنان؟