“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
يعيش اللبنانيون عموماً وأهالي القرى الحدودية، هاجس الحرب الإسرائيلية مع كل خرقٍ للطيران الحربي الإسرائيلي لأجواء الجنوب أو البقاع أو كسروان أو أي منطقة أخرى، مستذكرين مناخات حرب تموز 2006، وما سجّلته من عدوانٍ لم توفِّر فيه إسرائيل أي منطقة لبنانية.
وفيما يثير الصمت الرسمي حول المشهد الأمني واحتمالات تطوّره بشكل دراماتيكي في أي لحظة، تساؤلات عن أبعاده وصِلَتِه بالواقع الإقليمي المأزوم، فإنه من غير المقبول الإكتفاء بانتظار ما تخبئه الأيام القادمة من قرارات وخطوات واستراتيجيات، ستكون الساحة اللبنانية مسرحاً لها، وبالتالي التسليم لما هو مرسوم مسبقاً وكأنه قضاء وقدراً على الجميع إبداء موافقتهم عليه.
إزاء هذا المشهد المعقّد، يتحدث نائبٌ مخضرم عن مقاربة مختلفة لأي حربٍ محتملة من قبل المجتمعَين العربي والدولي من جهة، والمجتمع اللبناني من جهةٍ أخرى، مبدياً سلسلة ملاحظات يحدِّد فيها فوارق أساسية ما بين 2024 وحرب المناوشات والإشغال أو إسناد جبهة غزة، وما بين 2006 وحرب تموز كما سُمّيت آنذاك.
والملاحظة الأولى، يستهلها النائب المخضرم، بالإشارة إلى أن الإسرائيلي يتصرّف اليوم بطريقة معاكسة لما كان عليه الوضع في العام 2006، وذلك بدلالة تركيز استهدافه ل”حزب الله” فقط ولمناطقه ومواقعه وقياداته دون أي مناطق أخرى، حيث ما زال كل اللبنانيين يذكرون كيف قصف الطيران الإسرائيلي في العام 2006 الجسور في المناطق اللبنانية كافةً وعلى اختلاف تلاوينها الطائفية وحتى في كسروان، وقد حصل يومها تعاطف كبير مع الحزب وبيئته الحاضنة وكل أهالي الجنوب، لجهة احتضانهم من قبل شركائهم في المجتمع في كل أرجاء الوطن.
وفي الملاحظة الثانية، يحدِّد النائب ذاته، أسباب ما يسجّل من تعاطفٍ من قبل بعض السنّة مع الحزب، بالتضامن السنّي مع فلسطين وليس مع “حماس” أو مع “حزب الله”، فيما يشير إلى أنه في الوسط المسيحي، فإن رفضاً تاماً ومعلناً بشكلٍ لا يقبل الجدل، يتردّد بشكلٍ دائم ضد الحرب، متابعاً بأنه لدى الطائفة الدرزية، فإن الموقف من الحزب ومن الحرب هو “التقية أم الإختراع”.
أمّا الملاحظة الثالثة، والتي يركِّز عليها النائب المخضرم، فهي تتناول ما حقّقته هذه الحرب أو “المشاغلة” التي بدأها “حزب الله”، وذلك على صعيد جعل المبادرة في يد إسرائيل لا في يد حزب الله”، أي أن الإستنزاف الحاصل هو لدى “حزب الله” وليس لدى إسرائيل، لا سيما وأن التقديرات تتحدّث عن أنه مقابل كل أربع عمليات تقوم بها إسرائيل، هناك عملية واحدة ل”حزب الله”، بحيث لم يعد هناك ما كان يسمى بقواعد إشتباك، ولا أي توازن في الأسلحة المستعملة، ولا حتى في الأهداف.
وفي حين يؤكد النائب نفسه، أن “لا Cadeau de retour في السياسة، أي أنه إن ضَمَنَ “حزب الله” أمن إسرائيل، يتم تسليم أمن لبنان لإيران، “فهذا كلام سخيف، وعندما يفقد الحزب دوره الإقليمي، لا بد أن يفقد دوره الداخلي بشكل تلقائي”.
أما بالنسبة للإخراج النهائي للوضع الذي نعيشه، يرى النائب المخضرم، أن “هناك حدثاً كبيراً وهائلاً لا بد أن يطرأ، فهو إما حَدَث السِلم أو حَدَث الحرب، لأن الأمور لن تنتهي بشكل عفوي، وبالتالي، التحضير لن يُحَلّ بوثيقة مسيحية، إنما بالعودة إلى الورقة الوطنية”.