الطابع المالي ليس ورقة يتم لصقها على المعاملة وينتهي الأمر. بل هو وسيلة لتسديد الرسم والضرائب التي تفرضها الدولة، وقد تصل قيمة الطوابع على معاملة واحدة إلى مليارات الليرات، وأحياناً لا تتعدّى الـ 20 ألف ليرة.تسديد رسم المعاملة يعني شراء الطابع ولصقه عليها، أو هكذا كانت تجري الأمور سابقاً. أما اليوم، فعلى صاحب المعاملة أن يبحث عن الطوابع في ألبومات نادرة.
فجرّب أن تشتري طابع العشرة آلاف ليرة في لبنان وشراء طابع إلكتروني من فرنسا. في الحالة الثانية، تدخل على الموقع الإلكتروني وتشتري الطابع بواسطة البطاقة المصرفية، لتصلك رسالة عبر البريد الإلكتروني تحتوي إيصالاً مع رمز باركود وتنتهي المعضلة. أما في لبنان، فلا تسلك الدولة إلا الطرق الأكثر التفافاً. فهناك ربح يتقاضاه بائع الطوابع يدعى الجعالة، وقد تكون هذه أحد أهم أسباب تعطل إمكانية تسديد الطابع إلكترونياً، رغم أن المادة الـ47 من قانون موازنة 2022 نصت على أنه تحفظ حقوق باعة الطوابع الورقية الحاصلين على تراخيص من نسبة من قيمة الجعالة التي يحصل عليها باعة الطوابع الرقمية لمدة خمس سنوات. ورغم ان إمكانية تسديد الرسم بموجب طابع مالي إلكتروني e-stamp وفقاً للطرق والآليات التي تعتمدها وزارة المالية قد ورد نصاً في القانون نفسه، إلا أنّ إقرار الطابع الإلكتروني لا يزال متعذّراً.
ووفقاً لتقرير رسمي رفعته وزارة المالية إلى مجلس الوزراء، فإن الجهات المرخص لها بيع الطوابع يبلغ عددها 1345، أقل من نصفها رخص غير فاعلة. وبلغ عدد الطوابع المالية المسلّمة إلى المرخصين خلال المدة 2022- 2023 نحو 45 مليون طابع، غير أن أصحاب الرخص لم يلتزموا ببيع الطوابع المالية في محلات البيع وفقاً للرخص، كما لم يلتزموا ببيعها بالسعر الرسمي بحجة أن الجعالة 5% غير عادلة. وإذا كان هذا يصح سابقاً، إلّا أنّ الأمر تغيّر بعد تعديل رسم الطابع على المعاملات بموجب قانون موازنة العام 2024 (القانون 324/2024)، وبعد مضاعفة الرسوم 46 مرة وبالتالي مضاعفة قيمة الجعالة بالنسبة نفسها.
لم يكن موضوع تسديد رسم الطابع إلكترونياً ممكناً سابقاً. إذ إن قانون رسم الطابع المالي (الصادر بالمرسوم الاشتراعي الرقم 67 تاريخ 5/8/1967) لم ينصّ بطريقة مباشرة على كيفية استيفاء الرسم. فقد كان ذلك عبر لصقه فقط («تعطل الطوابع الملصقة على الصكوك والكتابات الخاضعة للرسم بذكر التاريخ (اليوم، الشهر، السنة) وبالتوقيع عليها»)، ولم يأتِ القانون على تسديد الطابع بوسيلة غير لصقه على المعاملة ما شكّل دائمة حجة واهية، إلى أن تم التعديل القانون أخيراً.
وتشكل عائدات الخزينة العامة من رسم الطابع ما يزيد عن 125 مليون دولار سنوياً كمبلغ مقدر في موازنة عام 2024، ما يوازي مجموع اعتمادات سبع وزارات معاً، هي وزارات السياحة والإعلام والزراعة والعدل والاقتصاد والتجارة والثقافة والعمل، ما يشير إلى أهمية إيلاء جباية هذا الرسم عناية خاصة.
وتعدّ طريقة تسديد الرسم تفصيلاً أمام حقيقة النص القانوني. فكل هدف القانون هو تأكد المراجع المختصة من أن الرسوم قد استوفيت فعلياً.
لذلك تم تعديل طريقة تسديد رسم الطابع المالي لتصبح عبر:
• لصق الطابع
• عبر آلات الوسم
• نقداً في صناديق المالية
• بموجب إشعارات تعتمدها وزارة المالية
• بموجب طابع مالي إلكتروني E-STAMP
وهذا المبدأ ينبغي تعميمه على كل أنواع الطوابع، كطابع صندوق تعاضد القضاة وطابع المختار وغيرهما.
تسديد الرسم بطريقة تختلف عن لصق الطابع ليست جديدة. فالقانون نفسه الصادر عام 1967 (قانون رسم الطابع المالي) عرف الدمغ والتأشير في المادة الـ27 منه. ويُقصد بالدمغ، وضع وسمة خاصة، تحل محل الطوابع، على المطبوعات المعدّة لإنشاء الصكوك والكتابات الخاضعة للرسم بعد تأدية الرسم عنها نقداً في صندوق الخزينة، كما عرف الاستيفاء النقدي إذ يستعاض عن إلصاق الطوابع باستيفاء رسم الطابع المالي نقداً، ودونما حاجة إلى وضع الوسمة أو التأشيرة في حالات محددة.
وعدّلت موازنة عام 2024 المادة الـ61 من القانون، فأجازت للمؤسسات التي تتعاقد معها الدولة والمؤسسات العامة والبلديات واتحادات البلديات استلام المعاملات الرسمية أو إنجازها، على أن تسدّد رسم الطابع المالي على المستندات التي تقدم لديها عبر آلات الوسم المرخص لها باستخدامها. وتستفيد المؤسسات المذكورة من الجعالة المنصوص عليها في المادة الـ24 من هذا المرسوم الاشتراعي. كذلك أجازت تسديد الرسم بواسطة آلات الوسم لدى الأشخاص المرخص لهم باستخدامها، على أن لا تتجاوز قيمة الرسم ثلاثة مليارات ليرة.
ولكن، لا يزال اعتماد الطابع الإلكتروني ممنوعاً على المواطنين لوجود عراقيل لا يمكن قبولها أياً كانت لتعارضها مع مبادئ الشفافية، خصوصاً أن المكننة هي نقيض الفساد والهدر.
ما هي المعاملات التي يتوجب عليها رسم الطابع المالي؟
يتوجب تسديد رسم الطابع المالي على جميع الصكوك، ويقصد بها الكتابات الموقعة التي تشكل إسناداً لإثبات أعمال قانونية، سواء أكانت هذه الإسنادات رسمية، أم ذات توقيع خاص، دائمة أم مؤقتة، ومن ذلك على سبيل المثال لا على سبيل الحصر:
1- الاتفاقات والعقود (بيع، إيجار…).
2- التعهدات والكفالات.
3- الإقرارات والتنازلات.
4- براءات الذمة والإيصالات، والمخالصات.
5- صكوك التوصية والهبة.
6- سندات الملكية وصكوك إنشاء الحقوق العينية.
7- الأوراق التجارية على اختلاف أنواعها.
8- الأوراق المالية (الأسهم وسندات الدين).
ما هي عائدات الدّولة من رسم الطابع سنوياً؟
قدّرت موازنة 2024 أن تصل عائدات الدولة من رسم الطابع هذا العام إلى 11,253 مليار ليرة (125.7 مليون دولار)، تشكّل 3.65% من مجمل إيرادات الموازنة العامة.
ما هي أنواع رسم الطابع المالي؟
هناك نوعان: المقطوع أو النسبي. في الأول يكون الرسم محدداً ولا يرتبط بالمبلغ الوارد في الصكّ أو المستند، وفي الثاني يكون وفقاً لنسبة مئوية من قيمة المبلغ المذكور في المستند (محددة حالياً بـ 4 بالألف باستثناء حالات معينة تعتمد فيها نسبة مختلفة).
في المبدأ، تخضع للرسم النسبي كلّ الصكوك والكتابات التي تتناول بصورة صريحة أو ضمنية مبلغاً معيناً أو مبالغ معينة من المال.
صادق علوية -“الأخبار”