يبدو انّ عضو تكتل “لبنان القوي” النائب غسان عطالله، نجح في مهمة صعبة، لم يستطع البعض الخروج منها بخاتمة ايجابية، بعد لقاءات معلنة واخرى سرّية مع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، في محاولة للتوافق بين التيار وحركة أمل، ويتردّد أنّ علاقة جيدة تجمع الرجلين، منذ ان كان عطالله وزيراً ومن ثم تولى رئاسة لجنة الصداقة اللبنانية – الغانية، باختيار من الرئيس برّي، لذا لا بدّ من الاستفادة من هذا المنصب لترميم العلاقة والتخفيف من التوتر، الذي لطالما ساد بسبب الخلافات والتناحرات، وعدم وجود الكيمياء السياسية بين الرئيس برّي ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، خصوصاً انّ المرحلة والظروف الصعبة تتطلبان حواراً، او على الاقل لقاءات انفتاحية لبحث الاستحقاقات المصيرية، وفي طليعتها الملف الرئاسي الشائك، الذي لم يجد لغاية اليوم الحل التوافقي المطلوب.
الى ذلك باتت هذه اللقاءات التي فتح خطوطها النائب باسيل في اتجاه عين التينة، ضرورية وهي تتواصل عبر اجتماعات غائبة عن الاضواء في بعض الاحيان، لانّ باسيل اختار استراتيجية سياسية جديدة، أراد من خلالها الانفتاح على الخصوم الاقوياء ربما لانه بات وحيداً في الاطار السياسي، فالعلاقة مع حارة حريك ليست كما في السابق بل تحتاج الى ترميم سياسي سريع، كيلا يتفاقم التباعد والتباين، كذلك مع الاحزاب المسيحية وخصوصاً “القوات اللبنانية” وتيار “المردة ” حيث العلاقة في أتعس حالاتها، وإن كانت تجري لقاءات بعيدة عن الاعلام بين نواب من “القوات” واخرين من “الوطني الحر” منذ فترة، لكن لم تصل الى مبتغاها، لانّ الماضي الاليم لا يمكن ان يُمحى بسبب تركته الثقيلة، اما مع “المردة” فالخلاف يبقى رئاسياً وتقف الكرسي الرئاسي حاجزاً تصعب إزالته حتى أمد بعيد، خصوصاً في حال تمّ انتخاب النائب السابق سليمان فرنجية رئيساً، وهذا يعني انّ باسيل سيقف في المرصاد امام العهد الزغرتاوي الجديد، وهذا يعني المزيد من الشرخ المسيحي.
وبالعودة الى لقاءات برّي وعطالله الموفد من باسيل، لا بدّ من الاشارة ووفق المعلومات، الى انّ هذا التقارب موضع ترحيب من قبل حارة حريك، على عكس ما يعتبره البعض، لانّ حزب الله يريد الحفاظ على الشريك المسيحي اي “الوطني الحر” وان يكون قريباً من ضفة الثنائي، كيلا يخسر الدعم المسيحي، والامر عينه بالنسبة للتيار البرتقالي المحتاج الى دعم قوي.
في غضون ذلك ووفق المعطيات، فالوضع بين عين التينة والبيّاضة يبدو اليوم هادئاً والعلاقة التي متأرجحة بين الرئيس برّي والنائب باسيل، تبدلّت لتصبح ثابتة نوعاً ما، والكواليس السياسية تؤكد أن الرجلين باتا متقاربين، وهذه السياسية يحاول باسيل التاقلم معها اليوم مع اغلبية الافرقاء السياسيين، أما برّي فيبرز كديبلوماسي منفتح على معظم الاطراف، الامر الذي كوّن له صداقات حتى مع خصومه في السياسة، لكنه يترك مسافة للحفاظ على تلك الصداقات الشخصية، وهذا ما يبدو منذ فترة ضمن خانة رئيس “التيار” الذي يبدو سياسياً منفتحاً طارحاً الحوار مع الجميع، لكنه لم يلق رداً ايجابياً من البعض لانه يشكل لهم “نقزة” سياسية من الصعب ان تزول كما يقولون.
هذه الصورة الانفتاحية من قبل باسيل نحو مقر الخصم القوي والضفة الاخرى، بدّلت الاوضاع لانّ باسيل محتاج الى دعم قوي، لذا يقوم بتخطيّ رواسب الخلافات الماضية، وترميم العلاقة التي ترافقت مع توتر كبير في فترة معينة مع عين التينة، تحت عنوان “زلات” باسيل مع برّي، والتي وعلى ما يبدو ولىّ زمنها، لانّ رئيس “التيار” يعمل اليوم على ضبط الوضع والدفاع عن نفسه بعيداً عن انتقاد الجميع، وهنالك طريقة جديدة في التعاطي انطلق منها، وسيواصلها خصوصاً مع رئيس المجلس النيابي، لانّ العواصف ومهما اشتدت فهي تعود لتهدأ بين “التيار” وعين التينة على عكس الوضع مع الاطراف الاخرى، لانّ الاستراتيجية البرتقالية الجديدة تتطلّب ذلك، وستواصل انفتاحها على خصوم جدد وفق المعلومات، فمَن سيكون التالي؟
صونيا رزق – الديار