طبول الح ر ب تُقرع
عشية الذكرى التاسعة والأربعين لإندلاع الحرب الأهلية في 13 نيسان 1975، توحي الأجواء التي رافقت مقتل منسّق “القوات” في جبيل باسكال سليمان بعودة شبح هذه الحرب مجددًا إلى لبنان، لا سيما مع إرتفاع وتيرة الخطاب التصعيدي بين الأحزاب المتخاصمة سياسيًا.
وفي هذه الذكرى، يسترجع الصحافي والكاتب السياسي قاسم قصير، الذكرى الأليمة لمقتل شقيقته لطيفة قصير على يد طليقها خنقًا قبل 14 عامًا، حيث تم إطلاق سراح القاتل بحجة حسن السلوك بعد أقل من 12 عامًا على سجنه بدل إعدامه وإعدام كل من يقوم بجريمة قتل”.
ويُقارب قصير ما حدث مع شقيقته من حيث تقاطع التاريخ وقصور المحاسبة بين ما حصل في الحرب الأهلية، ويقول في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”: “كل هذه السنوات زادت الجرائم ضد النساء والأطفال والأسرة في لبنان، وتمامًا هذا ما حصل على صعيد الحرب الأهلية فبدل محاكمة المجرمين في هذه الحرب ومحاسبتهم أو على الأقل الطلب منهم التوبة عن الجرائم والإبتعاد عن العمل السياسي والشأن العام تم تكريم هؤلاء بتعيين المحازبين في مؤسسات الدولة وأصبح معظمهم نوابًا ووزراء وقادة في الرأي عام”.
ويُضيف: “لهذا السبب نحن نلاحظ عودة الأجواء التي تُثير فكرة الحرب الاهلية من جديد، حيث نشهد ممارسات تذكّرنا بهذه الحرب، منها عمليات خطف على الحواجز والاعتداء على مواطنين أبرياء أو لاجئين سوريين لا ذنب لهم بغض النظر عمن يرتكب الجرائم”.
ويرى قصير، أن “الحرب الأهلية كانت تطورًا خطيرًا في العام 1975, وهي أتت نتيجة تراكم الخلافات الداخلية حول القضية الفلسطينية وبفعل أدوار خارجية، وبالتالي لا يمكن السكوت عن الجرائم التي حصلت وعدم محاسبة القاتل الذي هو السبب الرئيسي لإستمرار العنف والقتل”.
ويقول قصير: “للأسف في ذلك الوقت غرقت كل الأحزاب بهذه الحرب، حيث أتاحت للدول الخارجية التدخل في شؤون لبنان على مدار سنوات طويلة، إلى أن إنتهت الحرب بإتفاق الطائف لكن دون معالجة أسباب الحرب وتطبيق الإتفاق بشكل كامل”.
ويُتابع: “نحن اليوم نعيش أجواء حرب أهلية جديدة بسبب الخلافات الداخلية وتدخّل الخارج والخلاف حول العديد من الملفات وفي ظل وجود حوالي مليونين نازح ولاجىء سوري وفلسطيني، كما أنه من الواضح أن المخابرات الإسرائيلية عادت لتعبث في الأمن اللبناني، إضافة إلى أن هناك خطابًا تحريضيًا داخليًا يؤجج لفكرة إفتعال فتنة طائفية”.
وأمام هذا الواقع الأليم، يُشدّد قصير، على “ضرورة البحث عن التسويات والعودة إلى الحوار من أجل متابعة تطبيق إتفاق الطائف ودعم جميع مؤسسات الدولة، وإلّا سنغرق في حرب جديدة تكون خطيرة جدًا”.