لبنان… في دائرة الخطر الكبير

“ليبانون ديبايت” – فادي عيد

قد تكون النتيجة الأولى التي كرّسها الردّ الإنتقامي الإيراني على إسرائيل، هي تغيير قواعد الإشتباك الإقليمي، وفتح الباب أمام مواجهة من طبيعة مختلفة، تبدّلت فيها الأولويات والأهداف، بحيث أن ما بعد دخول إيران على خطّ الصراع الميداني، لن يكون كما قبله، حيث أن الدلالة الأولى قد تجلّت عبر سلوك الدرب الديبلوماسي من قبل إسرائيل، التي دخلت في دائرة البحث في الردّ على الردّ الإيراني عبر مجلس الأمن راهناً.

لكن أوساطاً سياسية عليمة، تحدثت عن أن الحرب في غزة والمواجهة في المنطقة، باتت أمام منطقٍ جديد فرضه الردّ الإيراني، هو منطق الأهداف الثمينة المتقابلة، لأن أثمن هدف لدى طهران هو قصف العمق الإسرائيلي، وقد حقّقته ولو بنتائج محدودة، ولكن في المقابل، فإن أثمن الأهداف التي يمكن أن تحقّقها إسرائيل في المرمى الإيراني، هي استهداف “حزب الله”، وهو ما يجعل لبنان في الدائرة الضيقة لشبكة الأهداف الإسرائيلية. وبالتالي، فإن لبنان أكثر من أي وقت مضى أمام مرحلة مصيرية، وقد دخل في دائرة الخطر الكبير، لأن الوجود الإيراني فيه هو المستهدف من قِبَل إسرائيل، على حدّ قول الأوساط، التي تشدّد على أن القادم من الأيام، قد يطلق تصعيداً بعد التغيير في بنك الأهداف والتبديل في قواعد الإشتباك التي سادت منذ 7 تشرين الأول الماضي، بعد عملية “طوفان الأقصى”.

ومردّ هذه القراءة، إلى اعتبار الجبهة الجنوبية، الجبهة الثانية “المشتعلة” بعد جبهة غزة، وهو ما يجعل من كل الحسابات الإقليمية، كما الدولية السابقة، موضوعة في الأدراج، واصطفاف كل الأطراف في المنطقة، وبمن فيهم إسرائيل، وراء واشنطن، اللاعب الأول والرئيسي على الساحة بعدما ضبطت الوضع قبل وخلال وبعد الهجوم الإيراني الإنتقامي على إسرائيل.

إذن قواعد الإشتباك تغيّرت، تقول الأوساط، ذلك أن طهران طهران اختارت السيناريو الأكثر خطراً، لأن إسرائيل تعتبر أن “طوفان الأقصى” أطلق مسار التهديد الفعلي لوجودها، والذي حقّقه المقاتلون الفلسطينيون وبعثر كل الحسابات السابقة، وكان قصف القنصلية الإيرانية والتحوّل الأميركي في التعاطي مع الوجود الإيراني في أكثر من دولة في المنطقة، وذلك كون طهران قد مسّت بما تعتبره أميركا من المحرّمات، وهو أن أمن إسرائيل أصبح في الميزان.

ومع اختلاف الحسابات الأميركية مع دول الخليج، كان ضرب القنصلية في دمشق، وفق الأوساط ذاتها، أحد مستلزمات التعبير الإسرائيلي والأميركي عن الموقف الجديد، ومؤشراً على أن الولايات المتحدة تناقش ظروف الإستمرار بالواقع السابق الذي كان قائماً مع طهران، ومع تثبيت نفوذها في المنطقة وبشكل خاص في لبنان، وذلك لسبب واضح جداً أنه عندما يكون الأمن الوجودي لإسرائيل في خطر، فان الولايات المتحدة تسقط كل الحسابات الأخرى، ولذلك، فإن تدمير القنصلية بالنسبة لطهران كان استهدافاً خطيراً يجب الردّ عليه، أما بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فإن الإستهداف كما الردّ الإيراني الجريء عليه، أصبح من مستلزمات المشهد الجديد.

Exit mobile version