اعلام اسرائيلي يكشف “هج وم وشيك في الساعات المقبلة”
أفاد تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”، بأن مسؤولين غربيين يتوقعون أن ترد إسرائيل بشكل وشيك على الهجمات الإيرانية، اعتبارا من اليوم الاثنين، بينما تتجه الأنظار إلى اجتماع مجلس وزراء الحرب، الذي يرتقب أن يحسم في قرار الرد على طهران من عدمه.
وذكرت الصحيفة الأميركية، أن إسرائيل والولايات المتحدة، تقومان حاليا بدراسة كيفية الرد على “الوضع الاستراتيجي الجديد” الناجم عن الهجوم الإيراني المباشر وغير المسبوق على الأراضي الإسرائيلية.
وتعليقا على تقرير وول ستريت جورنال، تحدث محللون إسرائيليون لموقع “الحرة” عن “غياب المؤشرات على أي رد قريب”، رغم أنهم لم يستبعدوا إمكانية ضرب إيران، وذلك “في الزمان والتوقيت المناسبين”.
المحلل الإسرائيلي، شلومو غانور، يرى أن مجلس وزراء الحرب سيصدر خلال الساعات المقبلة القرار والحل الأنسب فيما يتعلق بالموقف الإسرائيلي، غير أنه يشير إلى أنه “مبدئيا إسرائيل سترد على مثل هذا الهجوم الذي يعد مسا بأمنها وسيادتها”.
ويخوض مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي نقاشا ساخنا بشأن كيفية وتوقيت الرد على الهجوم الإيراني، حسبما قال مسؤولان إسرائيليان مطلعان على المداولات لشبكة “سي إن إن”.
وقال المسؤولان إن حكومة الحرب لا تزال مصممة على الرد على الهجوم الإيراني، ولكن مع اجتماعها بعد ظهر الاثنين، يواصل أعضاؤها مناقشة توقيت ونطاق هذا الرد. وبالإضافة إلى الرد العسكري المحتمل، تدرس حكومة الحرب أيضا خيارات دبلوماسية لزيادة عزلة إيران على الساحة الدولية.
في سياق متصل، يقول غانور إن “طريقة الرد وأسلوبه ومكانه وتوقيته، سيتم اختيارها فيما بعد”، مشيرا إلى أن “غزة تأتي حاليا على رأس الأولويات الاستراتيجية من خلال السعي لطي ملف الرهائن، يليها الوضع على الجبهة الشمالية والحرب ضد حزب الله، وأخيرا يأتي المشروع النووي الإيراني”.
ويشدد غانور، على “ألا مؤشرات توحي بتوجه إسرائيل للرد على طهران في الوقت الراهن”، موردا أن قيادة الجبهة الداخلية “سمحت للمؤسسات التعليمية باستئناف الدراسة، كما أن الحياة عادت إلى صورتها الطبيعية، الاثنين”.
ضغوط الرد
ومنذ تصدي الدفاع الجوي الإسرائيلي وحلفائه للمسيرات والصواريخ الإيرانية، تعالت دعوات الرد بالداخل الإسرائيلي. وفي هذا السياق، أوردت صحيفة “واينت”، أن مسؤولين في الجيش يدعمون مهاجمة إيران ردا على هجومها على إسرائيل ، كاشفة أنه عرضوا موقفهم على القادة السياسيين في المشاورات الأخيرة.
وإلى جانب المسؤولين العسكريين، أفاد موقع “أكسيوس” بأن، الوزيرين، بيني غانتس وغادي أيزنكوت، وكلاهما رئيسا أركان سابقين للجيش الإسرائيلي، اقترحا شن هجوم مضاد على الفور. كما طالب الوزيران، بتسالئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، برد صارم على الهجوم.
وأوضح الموقع الأميركي، أن غانتس وأيزنكوت، زعما أنه كلما طال انتظار إسرائيل، كلما أصبح من الصعب الحصول على الشرعية الدولية لشن هجوم مضاد.
في هذا الجانب، يقول غانور، إن الاعتداء الإيراني “مثل مساسا بسيادة إسرائيل او لا يمكن أن تمر عليه دون رد، بغايات الحفاظ على سيادتها وتفوقها التكنولوجي والعسكري بالمنطقة والحفاظ على قوة الردع، حتى لا تفسح المجال لتعرض مكانتها لأي خطر”.
وأكد تقرير وول ستريت جورنال، أن توجيه إسرائيل ضربة عسكرية قوية لإيران على أراضيها قد يؤدي لرد انتقامي إيراني مدّمر. وفي المقابل، فإن عدم الرد نهائيا من قبل إسرائيل أو الرد بشكل ضعيف، يمكن أن يقوض قدرتها الردعية ويجعلها أكثر عرضة لهجمات إيرانية مستقبلية.
وصرح نداف بولاك، المحلل الإسرائيلي السابق في الحكومة والأستاذ الحالي في جامعة ريخمان، قائلا: “لقد بدأت إيران مرحلة جديدة، حيث لم تعد تعتمد على الوكلاء لمهاجمة إسرائيل، بل أصبحت الأخيرة الآن هدفا مباشرا لهجماتها”.
وأضاف بولاك لوول ستريت جورنال: “في المستقبل، لن يكون بمقدور إسرائيل الجلوس ساكنة دون اتخاذ أي إجراء حيال ذلك”.
وكان مسؤولون إسرائيليون، على رأسهم رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، قد قالوا إن “من يؤذينا سنؤذيه” وإنه في حال شنت إيران هجوما من أراضيها على إسرائيل، فإن الأخيرة “سترد في عمق إيران”.
وأطلقت إيران أكثر من 300 طائرة مسيّرة وصاروخ على إسرائيل، ردا على ضربة استهدفت قنصليتها في دمشق، واتهمت إسرائيل بالمسؤولية عنها.
وقال مسؤول إسرائيلي لـ”سي أن أن”، إنه من بين الخيارات العسكرية التي يتم النظر فيها خلال اجتماع مجلس الحرب، شن هجوم على منشأة إيرانية، وهو ما من شأنه أن “يبعث برسالة مغ تجنب التسبب في وقوع إصابات”.
ولكن المسؤولين الإسرائيليين يدركون، وفق الشبكة، أن ذلك سيكون أمرا صعبا، ومن هنا يأتي الجدل الدائر. ولا يزال توقيت القرار غير واضح.
المحلل الاستخباراتي والأمني، آفي ميلاميد، يؤكد من جانبه، “ألا مؤشرات علنية أو مكشوفة حتى الآن على الاستعداد لشن هجوم على إيران”، لافتا إلى التباين في المواقف بين القادة الإسرائيليين بشأن الرد من عدمه، وأيضا طبيعته وحجمه.
ويضيف ميلاميد في تصريح لموقع “الحرة”، أن المعطيات المتوفرة تشير إلى أن “نية إسرائيل التنسيق مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بهذا الموضوع”.
ويشير إلى أن “واشنطن تضغط على حكومة نتانياهو من أجل الامتناع عن أي خطوة، سواء من خلال الرد بنفس الحجم أو الامتناع بشكل كلي عن ضرب إيران”.
دعوات الخارج وحسابات الداخل
وتوالت الدعوات الغربية لإسرائيل بعدم الرد على الهجوم الإيراني، وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين، إن إدارة بايدن تواصل حث إسرائيل، سرا وعلنا، على عدم التسرع في الرد على طهران، حسبما نقله موقع “أكسيوس”.
كما أعلنت واشنطن، الأحد، إنها لن تشارك في أي رد إسرائيلي محتمل على إيران. وحضّ الرئيس الأميركي جو بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على “التفكير مليا” في مخاطر أي تصعيد.
وطالبت ألمانيا، الاثنين، إسرائيل بإعمال الدبلوماسية الآن للاحتفاظ “بالانتصار الدفاعي” الذي حققته خلال الهجوم الإيراني، مشيرة إلى أن على جميع الأطراف العمل على منع تصاعد الصراع في المنطقة.
من جهته، أكد الرئيس الفرنسي، الاثنين، أن بلاده ستبذل كل ما بوسعها لتجنب المزيد من التصعيد في الصراع بين إسرائيل وإيران في الشرق الأوسط، بينما قال وزير الخارجية البريطاني، إن بلاده حثت إسرائيل على عدم الرد بعد الهجوم الإيراني.
في هذا السياق، يؤكد المحلل الإسرائيلي، أن الضغوط الغربية على إسرائيل، تأتي خشية توسيع دائرة القتال وامتدادها إلى حرب إقليمية، مما سيجعلها تنظر بإمعان وتمهل قبل أخذ أي خطوة عسكرية تصعيدية.
ويضيف، أن اتخاذ أي خطوة دون مساندة أميركية واضحة، معناه فقدان التنسيق مع هذا الحليف المهم، وأيضا التأييد والمساندة من باقي الدول الغربية، مع تصعيد خطر زج الشرق الأوسط نحو حرب إقليمية وتوسيع دائرة القتال نحو جبهات جديدة.
من جانبه، يعتبر، مئير مصري، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس وعضو اللجنة المركزية لحزب العمل الإسرائيلي، أن إسرائيل “غير معنية بالتصعيد”، بل سوف تسعى قطعا إلى استثمار العدوان الإيراني عليها خير استثمار على الصعيدين الدولي والاقليمي.
ولكن في الوقت ذاته، لا يمكن أن تسمح بأن يمر هذا “الاعتداء الاستعراضي مرور الكرام”، وفقا للمتحدث ذاته، خاصة، بعد أن “كسرت إيران حاجزا جديدا بتوجيهها ضربات مباشرة هذه المرة”، لذلك فسوف تقوم بـ”عمل موجع ومحدود في العمق الإيراني. قد يحدث بعد فترة من الزمن وقد لا تعلق عليه الحكومة”، على حد تعبيره
وذهب تحليل لمجلة “فورين بوليس”، إلى أن فشل الهجوم الإيراني يقلّل من احتمالية توجيه إسرائيل لرد، خاصة أن لإسرائيل وجيشها ما يكفي بالفعل من المشاكل، في ظل استمرار الحرب مع حماس، والتراجع الحاد لسمعة البلد دوليا.
ويلفت كاتبا التحليل، إلى تراجع دعم إسرائيل في الولايات المتحدة، ومعه تقاربها مع دول الخليج العربي، لافتا أيضا إلى أن الإسرائيليين العاديين يريدون العودة إلى حياة أكثر طبيعية، خاصة بعد تعرض الاقتصاد الإسرائيلي لضربة كبيرة من كل من الحرب والتعبئة الضخمة لجنود الاحتياط.
لكن بالرغم من كل هذه العوامل التي تجعل من الرد الإسرائيلي “أكثر تعقيدا وصعوبة”، لا يستبعد التحليل إمكانية توجه إسرائيل لضرب إيران، “إن لم يكن حاليا فمستقبلا”.
ويقول التقرير، إن إسرائيل قد تذهب أيضا للاكتفاء بالعودة لاستراتيجيتها المعتادة المتمثلة في استهداف العناصر والممتلكات العسكرية الإيرانية في سوريا ولبنان، وربما توسيع نطاق ذلك مستقبلا ليشمل العراق واليمن بشكل متزايد.