يترقّب العالم بحذر الردّ الإسرائيلي على الضربة الجوية الإيرانية وفق حسابات جديدة بعد ان أنهت ايران معادلة غير معلن عنها التزمت فيها لعقود تقضي بعدم استهداف عمق إسرائيل انطلاقاً من قواعدها العسكرية.
وكان الهجوم الايراني مع انطلاق المسيّرات والصواريخ وتحليقها في أجواء الشرق الاوسط، استنفر العواصم الغربية والاوروبية لحماية اسرائيل، وأظهر ان الاخيرة فاقدة لشروط الوجود خارج المظلة الاميركية في جميع الجوانب السياسية والعسكرية والجيوسياسية، وهو أمر محسوم وله دلالاته منذ انطلاق عملية 7 اكتوبر، إلا ان ما يلفت هو سعي واشنطن الى احتواء “طيش” بل جنون نتنياهو وخلفه الكابينت الاسرائيلي وسعيه الى جرّ الشرق الاوسط الى جحيم مشتعل لا يمكن التكهن بمآلاته واضراره بالمصالح الاميركية في المنطقة.
ما هي الاستنتاجات الهامّة بعد هجوم السبت الذي نفذّته ايران ضد اسرائيل رداً على استهداف قنصليتها بدمشق؟
هناك وجهة نظر تقول ان المنطقة دخلت مرحلة جديدة عنوانها الرئيسي تسريع المفاوضات ورسم استراتيجيات جديدة وتثبيت هدنة اقليمية بضغط اميركي مع توقعات ان تبدأ معها هدنة في لبنان وغزة، ما يعني كذلك وضع حد للعبة الحديد والنار التي يمارسها نتنياهو في المنطقة ومحاولات تفلته من حدود الانضباط وسعيه الى توسيع الحرب وإطالة أمدها الى حين حصول تغييرات في البيت الابيض.
أما الاستنتاج الاخر فهو ينطلق من اعتبار ان الهجوم الايراني بالرغم من محدودية اضراره البشرية والتدميرية في اسرائيل إلا انه أعاد تعويم حكومة نتنياهو وأعطاه ذريعة للاستمرار في الحرب على غزة وإطلاق يده بشكل أكبر، كما انه يفتح الباب أمام شنّ حرب على حلفاء ايران في المنطقة ومن بينهم حزب الله ولبنان بشكل مباشر ومشروع ومن دون ذرائع، باعتبار الحزب يشكل أحد أذرع ايران الأساسية وجبهة مفتوحة ومتّصلة مباشرة بالمعركة مع ما يشكله من تهديد على أمن مستوطناتها الشمالية.
وفي المحصلة، يبقى خطر الانزلاق الى حرب شاملة ماثلا، ومقولة لبنان بعد غزة قائمة الى حين انتهاء المعركة في القطاع، وفي حين ان نتنياهو يناور ويرفض الخط الاحمر الذي وضعه بايدن بوجه اقتحام اسرائيل رفح، فإن الامر مختلف بالنسبة للردّ على الهجوم الايراني، وسيكون الأقرب الى أهدافه جبهة الجنوب وتحقيق ضربة موجعة في العمق اللبناني، وتتوالى التهديدات الاسرائيلية للرد والذي بحسب جنرالات الحرب سيكون قريبا، من دون الكشف عن بنك الاهداف.