ذكر موقع “سكاي نيوز عربية” أن الذهب حقق خلال الأشهر القليلة الأخيرة، مستويات قياسية غير مسبوقة تاريخياً حيث وصل في جلسة الجمعة إلى 2431.29 دولار للأونصة، مخالفاً النظرة التقليدية التي سادت لعقود وهي أن الدولار الأميركي يرتفع ويتراجع الذهب وبالعكس، بل يتوقع خبراء ومؤسسات مالية بوصوله إلى 3000 دولار!
وقد عززت التوترات الجيوسياسية الطلب على المعدن الأصفر مدعوماً بجاذبية السبائك كملاذ آمن، حيث سجلت الأسعار الإثنين إغلاقًا قياسياً، مع ارتفاع عقد يونيو الأكثر نشاطًا للعقود الآجلة للذهب بنسبة 0.37 بالمئة ليستقر عند 2383 دولاراً للأونصة.
ونما الطلب على الذهب وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط بعد الهجوم الذي شنته إيران على إسرائيل بصواريخ وطائرات مسيّرة في مطلع الأسبوع، حيث تترقب الأسواق الرد الإسرائيلي المحتمل على الهجوم.
ويشير محللو البنك الأميركي “سيتي” إلى أن الذهب، الذي يحتفظ بقيمته كأداة للتحوط ضد التضخم، يميل إلى الأداء الجيد في فترات عدم اليقين الاقتصادي عندما يبتعد المستثمرون عن الأصول الأكثر خطورة مثل الأسهم.
وقال أكاش دوشي، رئيس قسم أبحاث السلع في أميركا الشمالية في (سيتي): “نتوقع أن يصل سعر الذهب إلى 3000 دولار للأونصة خلال الأشهر الستة إلى الـ 18 شهرا المقبلة”.
من جهته، قال بارتوش ساويكي، محلل السوق في شركة كونوتوكسيا فينتيك للخدمات المالية: “إن الرد قد يؤدي إلى صراع أوسع نطاقاً، مما قد يؤدي بالتالي إلى تجدد شراء الذهب، فضلاً عن ارتفاع أسعار النفط وتعزيز الدولار الأميركي”.
بدوره، أشار بنك غولدمان ساكس إلى أن سوق الذهب “سوق صاعدة لا تتزعزع” وقام بتعديل سعره المستهدف للمعدن الأصفر من 2300 دولار للأونصة إلى 2700 دولار بحلول نهاية العام.
3 عوامل ترفع الذهب
في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية“، قال مازن سلهب، كبير استراتيجي الأسواق في “BDSwiss MENA“: “في أداء ملفت إلى الآن على الأقل يرتفع الذهب 15 بالمئة في 2024 محققاً مكاسب بواقع 10 بالمئة في شهر واحد، مع ثلاثة أشهر متتالية من المكاسب القوية وفي أفضل أداء شهري في أربع سنوات تقريباً”.
إن هكذا مكاسب قد تكون غير متوافقة مع النظرة التقليدية التي سادت لعقود وهي أن الدولار الأميركي يرتفع ويتراجع الذهب وبالعكس، لكن الأرقام توضح أن مؤشر الدولار الأميركي مرتفع أصلاً 5 بالمئة في 2024، بحسب سلهب، الذي يرى أن الحرب ليست عاملاً مؤثراً مباشراً كما يعتقد الكثيرون (الحرب عامل غير مباشر بتبعاتها على أسواق الطاقة والإمداد وبالتالي تأثيرها على التضخم وقرارات البنوك المركزية) بل إن ما رفع الذهب بقوة في الأشهر القليلة الأخيرة ثلاثة عوامل رئيسية هي:
– تسعير الأسواق لتخفيض الفائدة في أميركا وبقية الاقتصادات المتقدمة (فائدة متدنية تفيد الذهب أكثر وتعطيه قيمة إضافية عند المقارنة مع العائد على الإيداع الثابت).
– التضخم الأميركي الذي بقي عنيداً ومرتفعاً بأكثر من 3 بالمئة، ومع بقاء النفط مرتفع 20 بالمئة تقريباً في 2024 يمكننا القول بأن التضخم قد لا يتراجع بسرعة وشراء الذهب هو أفضل تحوط من ارتفاع التضخم خاصةً في الاقتصادات الناشئة وفي الأسواق النامية.
البنوك المركزية التي تستمر في الشراء، حتى لو أن أرقام شراء الذهب تراجعت إلى 1037 طناً في 2023 مقارنةً مع 1082 طناً في 2022 وفقاً لمجلس الذهب العالمي، يأتي في مقدمة الدول التي اشترت الذهب الصين وسنغافورة.
ما الذي يدفع الذهب إلى موجة ارتفاعات كبيرة؟
لكن ما سيدفع الذهب لموجة ارتفاعات كبيرة هو لو حصل رداً انتقامياً ومفاجئاً وتبعه رداً إيرانياً، وهذا السيناريو يدفعنا لتوقع موجة شراء للملاذات الآمنة في الربع الحالي قد تطال مستويات 2550 دولاراً للأونصة، بحسب محلل الأسواق عزام، الذي أكد أن الملاذ الآمن ليس هو السبب فقط، بل حالة الاقتصاد الأميركي وتوجهات الفائدة المقبلة، حيث يميل الذهب الذي يحتفظ بقيمته كأداة للتحوط ضد التضخم، إلى الأداء الجيد في فترات عدم اليقين الاقتصادي عندما يبتعد المستثمرون عن أصول المخاطرة.
وأضاف محلل أول لأسواق المال في مجموعة إكويتي: “عادة ما يكون لأسعار الذهب علاقة عكسية مع أسعار الفائدة. ومع انخفاض أسعار الفائدة، يصبح الذهب أكثر جاذبية مقارنة بأصول الدخل الثابت مثل السندات والتي من شأنها أن تدر عوائد أضعف، ويبقى التضخم الأميركي محط نقاش، حيث إن قراءة مارس أظهرت أن التضخم لايزال عنيداً ما فتح المجال إلى أن الأسواق قد تعتقد بأن تخفيض الفائدة لمرتين في عام 2024 قد يكون هو التوجه الأمثل للفيدرالي”.
ومع سيناريو ارتفاع التضخم وتوجه الفيدرالي لتخفيض الفائدة بشكل أقل، أو حتى مع تباطأ التضخم وتوجه الفيدرالي لتخفيض الفائدة بشكل أكبر سيبقى الذهب أداة استثمارية جيدة كغطاء للتضخم المرتفع أو أصل استثماري جيد في ظل انخفاض الفائدة، لذا قد يكون سيناريو يحمل المزيد من الارتفاعات، لكني لا أرجح أن نشهد ارتفاعات أعلى من نطاقات 2550 – 2600 دولار للأونصة في عام 2024 حيث كل ذلك بدا وكأن الأسواق باتت تتوقعه، وفقاً لعزام.
لبنان 24