أنطون الفتى – وكالة “أخبار اليوم”
“فَوْرَة” عاطفية اعتدنا عليها بين الحين والآخر، وهي تطال كل ما يتعلّق بالنازحين السوريين في لبنان.
عندما يعلو “البخار”…
“فَوْرَة” تحرّكها بعض التجاوزات التي يرتكبها النازحون، من جرائم قتل، أو عمليات نَشْل وسرقة… أو استحضار الأثر السلبي الاقتصادي والمعيشي للنزوح السوري على اللبنانيين، من وقت لآخر. وتبقى الأمور عند هذا الحدّ، أي عند حدود العاطفة، والـ “يجب”، والـ “من الضروري أن”، و… الى أن تتجدد المشاكل، أو تقع جرائم وعمليات سرقة… جديدة، أو الى أن تزداد الأوضاع الاقتصادية سوءاً، فيعلو “البخار” اللبناني العاطفي، ليعود وينخفض مجدّداً.
وأما النتيجة النهائية فثابتة، وهي أن لا أحد من اللبنانيين يريد إعادة النازحين السوريين الى بلدهم. كما أن لا أحد من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية يعمل على ذلك بصدق، مع احترامنا للجميع، ورغم أنهم يُكثرون من الضجيج والصُّراخ، ومن إصدار البيانات حول تلك النّقطة، في بعض الأحيان.
أجندات سياسية
ذكّر النائب السابق فادي الأعور بأن “الأراضي اللبنانية فُتِحَت لإدخال النازحين من أجل استخدامهم في الأجندات السياسية الداخلية والإقليمية. والمشهد الذي عشناه منذ سنوات طويلة، كان يستهدف إسقاط النظام في سوريا، وهو مشروع كانت ترعاه الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي”.
وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “فريقاً سياسياً في لبنان، وتحديداً فريق 14 آذار كان راعياً لعملية إدخال النازحين السوريين الى لبنان. ونحن نذكر جيّداً كيف كانوا يتضامنون معهم في عرسال، من أجل أهداف وأجندات سياسية، وارتباطات خارجية لدى هذا الفريق. وأما اليوم، فقد تفاقم الوضع بعدما بات عددهم يساوي نحو 40 في المئة من عدد اللبنانيين، وبعدما أصبحت نسبة الولادات لديهم بمعدّل 10 أضعاف نسبة الولادات لدى اللبنانيين تقريباً، وبعدما انهارت الدولة اللبنانية خلال السنوات الأخيرة، وسط افتقار لأي رؤية سياسية واحدة من أجل الانتهاء من هذا الملف. ويضاف الى ذلك عملية إبقاء النازحين على الأراضي اللبنانية وفق قاعدة دمجهم بالمجتمع اللبناني. وهذا ما كان يقوم به الإتحاد الأوروبي”.
معضلة صعبة
ورأى الأعور “أننا اليوم أمام معضلة صعبة جداً. فهذا بازار فيه الكثير من المزايدات، فيما نحن بظلّ حكومة تصريف أعمال، وعدم انتخاب رئيس للجمهورية، ومجلس نيابي مُنقسِم. وبالتالي، كل ما يُحكى داخلياً عن موضوع النازحين السوريين هو من باب الأجندات السياسية، ونحن لا نتّجه الى حلّ لأزمة النزوح”.
وأضاف:”تحتاج الحلول لهذا الملف الى دولة لبنانية تفتح آفاقاً موضوعية مع الجيران والأشقاء في سوريا، وتتعاون معهم في هذا الإطار. وإذا لم تَكُن هناك قدرة على ذلك لدى أحد، فمن الأفضل ترحيلهم الى أوروبا، لكونها هي التي أتت بهم الى لبنان، بالاشتراك مع الأميركيين”.
وختم:”الرعاية الغربية للنازحين السوريين في لبنان تتجاوز الاهتمام باللبنانيين بكثير. فالنازحون يأكلون ويشربون ويُنجبون ويحصلون على الرعاية الصحية والمال من الأمم المتحدة، فيما يعاني اللبناني في بلده، وهو يحتاج الى كل شيء، لا سيّما بعدما سُرِقَت أمواله. ورغم ذلك، كل القوى الداخلية عاجزة عن حلّ هذا الملف، إذ لا دولة ولا مؤسّسات في البلد”.