رأى الخبير في الشؤون العسكرية الاستراتيجية العميد الركن المتقاعد فادي داود، أن الجيش الاسرائيلي فقد مصداقيته أمام شعبه، وذلك نتيجة عدم تمكنه من تحقيق ما تعهد به سواء لجهة تحرير الأسرى، أم لجهة القضاء على حركة حماس، ناهيك عن أن الهجوم الايراني على إسرائيل ايا تكن التساؤلات حولها، كانت منسقة بدقة، فهشمت مفهوم الردع الاستراتيجي الذي نشأ عليه الجيش اللاسرائيلي، واكدت ان القبة الحديدية، وسلاح الجو، والترسانة الصواريخية، ما كانوا ليتمكنوا وحدهم من التصدي للهجوم الجوي الايراني على اسرائيل، لولا مساعدة سلاح الجو الاميركي والبريطاني والفرنسي معا.
ولفت داود في حديث لـ «الأنباء»، إلى ان ما تقدم فرض على إسرائيل الرد على الهجوم الايراني في محاولة لاستعادة هيبته ومصداقيته تجاه شعبه، اضافة إلى تثبيت قدراته في المنطقة على الدفاع والردع، لكن ما حصل، أن الهجوم المنسوب لإسرائيل، انتهى إلى تساؤلات كبيرة حول صحة الهجوم من عدمه، علما انه حتى لو صح الهجوم الاسرائيلي على ايران، الا انه لم يكن بمستوى تثبيت قدرات اسرائيل في المنطقة ضمن مفهوم الدفاع والردع الاستراتيجي.
واستطرادا، لفت داود إلى ان الرد الاسرائيلي بالصواريخ الباليستية، دونه محاذير جسيمة، وذلك لكونه سيشكل في حال تكراره من قبل الطرفين، دعوة مباشرة إلى مواجهات بالصواريخ الباليستية وعلى خطوط متقدمة، من هنا الاعتقاد بان سواء ردت اسرائيل ام لم ترد، سيكون جنوب لبنان في كلتا الحالتين مسرحا لتلقي الضربات على مواقع حزب الله ومنشآته العسكرية، وذلك لاعتقاد إسرائيل ان توجيه ضربات قاصمة لحزب الله، تؤلم إيران بالصميم، ولا تغضب الأميركي الذي ادرج الحزب على لائحة المنظمات الارهابية.
وعليه أعرب داود عن خشيته من ان يكون جنوب لبنان على موعد مع التغيير في مستوى المواجهات، اي انتقال اسرائيل من استهداف قادة ميدانيين من حزب الله، إلى استهداف قادة سياسيين من الصف الاول، اضافة إلى استهداف منشآت ومراكز قيادية اساسية تابعة له، مستبعدا في المقابل خيار الاجتياح البري لجنوب لبنان، وذلك ليقين الجيش الاسرائيلي ان الاجتياح البري لن يكون نزهة في حديقة، ناهيك عن كلفته البشرية والمالية.
وردا على سؤال، أكد داود ان الوقائع الميدانية لم تلحظ حتى ساعته وجود مصلحة لحزب الله بتوسيع دائرة الاشتباكات، بدليل ان الاخير لم يلجأ بالرغم من الوقائع المؤلمة التي تصيب بيئته على كل المستويات، وبالرغم من استهداف اسرائيل لمناطق ومدن لبنانية خارج نطاق الاشتباكات، إلى استعمال الجيل الاكثر فعالية من الصواريخ الذكية الذي سبق ان هدد اسرائيل بها، ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه، هل سيبقى حزب الله على قراره بالالتزام بقواعد الاشتباك في حال غير الاسرائيلي مستوى المواجهات والاستهدافات؟
وعن قراءته لكيفية انتهاء هذه الحرب، ختم داود لافتا إلى ان الحروب عبر التاريخ انتهت بجلوس المتحاربين على طاولة المفاوضات، فمن الحربين العالميتين الاولى والثانية، إلى الحرب في فيتنام، إلى سائر الحروب التي شهدها العالم، لم تكن الاعمال العسكرية فيها سوى الوسيلة الموجعة لتقوية وتعزيز كل من المتحاربين او الاعداء لأوراقه التفاوضية، فما بالك ولبنان مرآة الشرق الاوسط بحيث ينعكس عليه ما يصيب المنطقة من شرور وانفراجات.
زينة طباره – الانباء