المواد الاختيارية في الامتحانات الرسمية: الطلاب اخترعوا كذبة وصدّقوها

باستثناء طلاب الجنوب المتأثرين بالحرب، مرّ عام دراسي منتظم في لبنان لجهة الحصص التعليمية خلافاً للسنوات الماضية عندما تأثرت العملية التعليمية بانتفاضة 17 تشرين، ثم انتشار جائحة كورونا، فإضرابات أساتذة التعليم الرسمي… فلماذا يطالب طلاب الشهادة الثانوية العامة الرسمية بتدابير استثنائية هذا العام؟ويحشد طلاب الامتحانات الرسمية لتظاهرة واسعة، قد تُنظّم السبت المقبل، تضمّ أكبر عدد من الطلاب في مختلف المناطق، بعد اعتصام خجول أمام وزارة التربية في الأونيسكو يوم الجمعة الماضي، للضغط من أجل اعتماد المواد الاختيارية في الاستحقاق الرسمي كخيار أيّدته الأكثرية الساحقة (98%) من الطلاب والأهالي والأساتذة المشاركين في استطلاع رأي أجرته صفحة «طلاب لبنان» على منصاتها في إنستغرام وفايسبوك وواتساب وتلغرام، وشارك فيه 150 ألف شخص.

وإلى التحركات على الأرض، يطلق الطلاب وأهاليهم حملات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل حملة «مواد اختيارية للكل» على منصة «إكس»، لكي يشملهم التدبير الخاص بطلاب الجنوب المتأثرين بالعدوان الإسرائيلي. كما يقصدون المكاتب السياسية للتوسط لدى وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي لاتخاذ قرار رسمي سريع بملف الامتحانات الرسمية، بعيداً عن التسريبات المتضاربة والتصريحات العشوائية التي «أتلفت أعصابنا».
يفسّر مطلعون على الملف التربوي موقف الطلاب تجاه إلزامية الاختبار في جميع المواد إلى اعتقادهم، منذ بداية العام الدراسي، بأنّ الامتحانات الرسمية ستقوم على مبدأ المواد الاختيارية كما جرت العادة في السنوات الثلاث الأخيرة، أي «كذّبوا الكذبة ومشوا فيها، ولم يخطر في بالهم بعدما اعتادوا الأزمات وبعد اندلاع الحرب في الجنوب مطلع العام الدراسي أن يقطع هذا العام بانتظام، فراهنوا على الحرب للترفيع التلقائي أو تخفيف الامتحانات الرسمية، وهمّشوا مواد على حساب أخرى، ومنهم من تعامل مع كل المواد بخفّة»، بحسب أحد النظّار في ثانوية رسمية. وأدى ذلك إلى أن وجد هؤلاء أنفسهم غير جاهزين لإجراء الامتحانات الرسمية في كل المواد بين الثامن والعاشر من حزيران المقبل.

من جهتهم، يرى عدد من الطلاب أنّ ارتدادات الحرب في الجنوب والآثار النفسية الناجمة عن فرضية توسع الحرب، إضافة إلى سلسلة الأزمات النفسية السابقة، «شكلت ضغوطاً نفسية، وحالت دون توفر الظروف المناسبة للدراسة واكتساب المعارف كما يجب»، بحسب ياسمينا شاهين من مدرسة مار الياس في بطينا. كذلك، يتفق أساتذة على ضيق الوقت أمام تقديم الكفايات المطلوبة خلال أيام معدودة قبل إعطاء التلامذة مهلة شهر للدرس. إذ يجد أستاذ الرياضيات حسين حمود نفسه أمام خيارين «إما تخطي بعض الكفايات أو شرحها كيفما اتفق»، لذلك يؤيد التخلي عن المواد الثانوية وتأخير موعد الامتحانات إلى ما بعد عيد الأضحى.
ويعود هذا التأخير، كما يجمع الأساتذة، إلى الفاقد التعليمي المتراكم على مدار سنوات، «فهناك دروس أُلغيت في السنوات الماضية، وهناك مواد بكاملها لم يأخذها الطلاب مع اعتماد المواد الاختيارية، لكنها ترتبط بمواد هذا العام، ما أجبرنا على شرحها واستهلاك الحصص التعليمية»، وفق منسقة علوم الحياة إسراء شحادة. وانطلاقاً من الفجوة التربوية «طالبنا بمواد اختيارية من أجل التركيز على المواد الأساسية وصرف النظر عن المواد الثانوية، وخصوصاً أنّ تقليص المناهج الذي صدر عن المركز التربوي لا يعوّل عليه»، وفق منسق الاعتصام الطالبي بلال حرب.

وفي حين شكّل الفاقد التعليمي ذريعة لاتخاذ تدابير استثنائية لدى مقاربة الامتحانات الرسمية هذا العام، فإن لأستاذ الكيمياء في التعليم الرسمي مصطفى قطيش رأياً آخر حيال «الاستمرار في تشحيل المواد والدروس، والذي يعني الهروب من حل المشكلة ومفاقمة الفاقد التعليمي أكثر فأكثر»، مقترحاً «إعادة جدولة المناهج ودمج الدروس والكفايات من أكثر من صف لسدّ الثغرات بدلاً من المحافظة على التنظيم والمنهاج نفسه». ويستنكر قطيش في هذا الإطار «اتخاذ قرارات استثنائية خارج نطاق الجنوب. صحيح أننا مضغوطون نفسياً، لكننا لسنا مضغوطين تعليمياً، لذلك أنهيت المنهاج قبل صدور التقليصات عن المركز التربوي للبحوث والإنماء، وكذلك فعل كل أستاذ عمل بجدية خلال العام الدراسي».

زينب حمود -الاخبار

Exit mobile version