من بين جملة المشاكل الكثيرة التي يعاني منها لبنان حاليا تبرز مشكلة قطاع السيارات ومعارضها التي توقفت أعمالها خلال العامين الأخيرين حتى علت الصرخة واضطر البعض الى اقفال معارضه والهجرة إلى دول اخرى. لعل أبرز المشاكل التي يواجهها أصحاب المعارض ارتفاع رسوم التسجيل والجمارك إلى جانب الكثير من الأمور الأخرى التي انبرت لحلها نقابة معارض السيارات المستعملة ونقيبها وليد فرنسيس الذي عقد عدة اجتماعات مع أصحاب المعارض لإيجاد الحلول الممكنة وقد توصلوا إلى ابتداع بعض الأمور التي تيسر عملهم وتعيد الحركة إلى القطاع الذي عانى كثيرا ولا يزال.
وفي هذا الخصوص يقول فرنسيس: اننا منذ حوالى ثلاث سنوات نعاني الكثير إذ ان عملنا توقف بسبب عدم قدرتنا على تسجيل سياراتنا . لقد كنا نستورد السيارات من الخارج ولا نستطيع انجاز معاملاتها ففي خلال شهر كنا نسجل سيارة او اثنتين فقط فكنا ندفع ثمن السيارة المستوردة حوالى ٣٠ او٤٠ الف دولار بالإضافة إلى جمركها البالغ ٢٠ الف دولار حيث تعرض في المعرض بكلفة٦٠ الف دولار دون أن نتمكن من تصريفها لأن مصلحة التسجيل مقفلة والزبون لا يرضى أن يشتريها دون تسجيل. بالخلاصة كانت ارصدتنا وارصدة كل أصحاب المعارض مرمية على الأرض دون أن يتم الفرج بتسهيل معاملات التسجيل في مصلحة تسجيل السيارات “النافعة” وعندما فتحت المصلحة أبوابها مؤخرا كانت المعاملات التي يتم إنجازها قليلة جدا إذ ان الدوام اقتصر على يومين في الأسبوع وبعدد ضئيل من الموظفين وكان معقب المعاملات الخاص بالمعارض الذي يحمل حوالى ٣٥ معاملة يقف مع المواطنين بالصف لانجازها وكانت شكاوى المواطنين تعلو عندما يصل دوره إذ يقضي الكثير من الوقت لاتمام معاملاته وكانت تحدث الكثير من المشاكل.
ما الذي تغير ؟
لقد عرضنا على المحافظ تخصيص يوم لمعاملات المعارض لأننا كما سبق وقلت كنا نعرقل المواطنين بينما معاملاتنا معرقلة بالوقت نفسه . لقد شرحنا للمحافظ الوضع وطالبناه بتخصيص يوم للمعارض إذ لدينا ما يزيد على ٤٠٠٠معاملة متوقفة منذ سنوات وارصدتنا بالنتيجة متوقفة وصرخة زبائننا تزداد علوا إذ يريدون امتلاك السيارة التي اشتروها وقد اجابنا المحافظ بأنه لا يستطيع ذلك إذ يحتاج الى غطاء رئيس الحكومه وقد ذهبنا الى رئيس الحكومة وعرضنا الوضع معه وقد وعدنا بالتحدث إلى المسؤولين في المصلحة وإيجاد آلية تسهل عملنا وتنجز معاملاتنا إذ ان هذا الأمر يسهم في إدخال المزيد من المال إلى خزينة الدولة التي هي بأمس الحاجة إلى هذه الأموال. لقد عرضنا أن ندفع ٥٠ دولارا عن كل معاملة يتم تنفيذها . أن الناس تعترض اليوم على ٥٠ دولارا كتسجيل للسيارة لكننا كتجار اتفقنا في النقابة على ذلك لأن من جملة ما عرقل الأمور في مصلحة تسجيل السيارات هو عدم توافر أوراق وايصالات ومازوت ووجود عدد قليل من الموظفين . لقد اجتمعنا في النقابة وعرضنا كل مشاكلنا واتفقنا إزاء عدة مشاريع قوانين نطالب بتعديلها في الجمارك إلى جانب بعض المطالب في مصلحة تسجيل السيارات ومطالب أخرى في وزارة الأشغال بالنسبة لرسوم المرفأ وآلية إنزال السيارات في المرفأ حيث لدينا عدة مشاريع قوانين وعدة مطالب وانجازات لن تتحقق حتما دون تكلفة علينا دفعها لهذا اتفقنا على دفع ٥٠ دولارا عن كل معاملة في صندوق النقابة لأن النقابة للحقيقة مفلسة وهي مكسورة على ٣٠٠٠٠ دولار لذا لا بد من تغذية صندوق النقابة لكي نكلف بعض المحامين متابعة أمورنا وتفعيل عملنا أيضا إلى جانب مطالبتنا بحقوقنا . لقد وافق الجميع على دفع ٥٠ دولارا عن كل معاملة تسجل في جدول النقابة إلى مصلحة تسجيل السيارات وقد تم فتح يوم إضافي للمعارض في المصلحة لا يتعارض مع أعمال المواطنين إذ خصص لنا يوم الجمعة أو الاثنين من كل أسبوع بينما معاملات المواطنين في باقي الأيام. لقد قال لنا رئيس الحكومة انه يرفض أن تتقاضى المصلحة منا اي أموال اضافية وقد اضاف أنه لا يريد أن تدعم النقابة حقوق الموظفين إذ ان الحكومة هي من تعالج هذه الحقوق وتدعمها وقال لنا اذا لم تلتزموا بذلك سنحولكم إلى النيابة العامة. لقد وعدنا بأنه سيتكلم مع وزير الداخلية والمسؤولين في المصلحة لإيجاد حل منطقي لنا . لقد قلنا له اننا كنا في السابق نقدم عدة هبات لمصلحة تسجيل السيارات مثل ٣ طن مازوت او أوراق او أجهزة كمبيوتر وغير ذلك من أشياء وللأمانة أن المصلحة كانت ترفض أن تتلقى اي أموال منا. اننا عندما اتفقنا في النقابة على تغذية صندوقها ب٥٠ دولارا عن كل معاملة أصبحنا نقدم الجدول في اليوم المخصص لنا في المصلحة التي أصبحت تنجز ما بين ٣٠٠ و ٣٥٠ معاملة يوميا وهكذا بدأت مشكلتنا تأخذ طريقها نحو الحل وبدأ وضع السوق في الحلحلة.
أنتم تدفعون المال مقابل ذلك؟
اننا ندفع لصندوق النقابة . منذ عشرات السنين وليس الآن فقط كنا نقدم للعديد من دوائر الدولة وليس مصلحة تسجيل السيارات فقط الهبات العينية الرسمية وقبل استلام هذه الهبات كانت تتم الموافقة عليها من وزارة الداخلية وبعلمها حيث توافق لرئيس المصلحة على قبول الهبة .
لكنكم بهذه الطريقة تشجعون على الرشى فكيف تفسرون ذلك؟
أين الرشى في ذلك ؟… اننا ندفع من مالنا الخاص وليس من الزبون. ان التاجر يدفع ٥٠ دولارا من ربحه لتسهيل العمل.
ألم يعترض اي احد على ذلك؟
لقد وافق الجميع. انه اتفاق ضمني بين أصحاب المعارض والنقابة .
وهل هذا يطبّق على السيارات الجديدة المستوردة؟
لا علاقة لنا بها. لقد كان العمل يتم سابقا عبر المنصة وهي لا تزال موجودة ولم يتم اقفالها. ان الأمر ليس الزاميا وصاحب المعرض يستطيع التسجيل على المنصة وان يتمم إجراءاته عبرها دون أن يسجل في جدول النقابة ويدفع ٥٠ دولارا . إنه حر في اختياره. ان مشروع النقابة اختياري وليس الزاميا ومن لا يريد المشاركة في مشروع النقابة يستطيع ذلك. اننا نريد كنقابة تسيير عملنا وتسيير رأسمالنا. كلنا يعلم وضع الدولة اليوم لذا ما المشكلة إذا دعمنا المؤسسات الرسمية لكي تستطيع الدولة ان تسير امورها؟…
ان كل ما يتم دفعه يسجل بايصال رسمي لوزارة المالية . ان الأمور بدأت في طريقها إلى الحلحلة والعمل يسير بانتظام. سيتم فتح قسم القطاع العمومي قريبا جدا بعد فتح أبواب المصلحة أيضا في جونيه. ان كل شيء يجري دون أي دعم قانوني وبلا رشى. ان ما نقدمه هو هبة شرعية رسمية بموافقة وزارة الداخلية. أن ال٥٠ دولارا يتم دفعها لصندوق النقابة من التجار ويوجد في النقابة نقيب ونائبه وقسم محاسبة وأمين صندوق وأمين سر والكل يطلع على ما يدخل صندوق النقابة وكل ما يتم توزيعه كهبات.علينا الا ننسى أن للنقابة مصاريفها مثل اتعاب المحامين ورسوم الجمارك وغيرها.
في ظل ارتفاع أسعار الجمارك ورسوم التسجيل هل يوجد إقبال على شراء السيارات المستعملة اليوم؟
لا لقد تراجع المبيع كثيرا حتى ان الطبقة الوسطى ما عادت تستطيع شراء سيارات . لقد كان الموظف او رجل الأمن الذي يعمل لمدة سنتين او ثلاث يستطيع شراء سيارة وتقسيط الباقي عبر المصارف لكنه اليوم ما عاد باستطاعته ذلك ولو بعد عشر سنوات من العمل بالإضافة إلى أن الأقساط عبر المصارف غير متاحة. تبلغ تكلفة الجمارك لأصغر سيارة اليوم ٦٠٠٠ او ٧٠٠٠ دولار بالإضافة إلى ثمنها .
ماذا تفعلون إزاء ذلك؟
ان كل السيارات ما دون ٢٥٠٠٠ دولار ما عدنا نستطيع بيعها وسيتم إلغاؤها من السوق لأن رسوم الجمارك باتت مرتفعة جدا جدا. يبلغ جمارك السيارة حوالى ٣ او ٤ مليار ليرة. عندما تضاعفت رسوم التسجيل والجمارك والميكانيك عشر مرات لم يعترض أحد لكن ال٥٠ دولارا التي اخرتها النقابة خضت البلاد. أن التاجر يدفع لنقابته فلماذا تعلو الأصوات على السوشيال ميديا معترضة على ذلك؟ وما علاقة الناس بهذا؟
لكن حتى رئيس لجنة الاقتصاد النيابية تناول الأمر فكيف تردون عليه؟
ان كل من تكلم بالموضوع لم يستوضح الأمر من النقابة ولم يتصل برئيس النقابة أيضا قبل أن يتكلم في الإعلام. أن الكل برأيي يبحث عن “سكوب” ولا يفهم بالموضوع نهائيا. كل ما تكلموا به هو كذب… كذب… كذب.
ألم تتصلوا بأحد ما لتخفيض رسوم الجمارك والتسجيل؟
بلى وقد توصلنا إلى تخفيض بمقدار٢٠% للجمارك وسنتابع الأمر أيضا مع وزير المالية لتخفيض الاستهلاك الداخلي من٤٥% الى٢٥%. لدينا حاليا عدة اتصالات ومراجعات وقد وكلنا عددا من المحامين للمطالبة بحقوقنا . ان مكتب المحاماة يتقاضى مقابل اتعابه ١٥٠٠٠ دولار. كما لدينا العديد من المصاريف في النقابة إذ ان بدل الاكاليل السنوية يبلغ ٤٠٠٠ او ٥٠٠٠ دولار سنويا. يوجد في لبنان ٣٠٠٠ معرض سيارات فما الضرر اذا تم دفع ٥٠ دولارا لصندوق النقابة لتسهيل وتسيير عملها. خلال الأزمة علينا دفع رسوم الاشتراك وتغذية صندوق النقابة.
هل يوجد معارض أقفلت خلال الأزمة؟
أجل. لقد اقفل حوالى٥٥% من المعارض التي انتقلت الى الدول العربية الأخرى والى قبرص واليونان وأفريقيا. ان رسم الجمارك في كل دول العالم هو٥% بينما في لبنان هو ٥٠% بالإضافة إلى ١١% TVA و٧% تسجيل اي بالمختصر يدفع المستهلك ٧٠% من ثمن السيارة كرسوم للدولة بينما رواد السوشيال ميديا لا يلفتهم الا ال ٥٠ دولارا لصندوق النقابة. للحقيقة لدينا الكثير من الحقوق المهدورة داخل الدولة وعلينا تحصيلها وقد جاء اليوم هذا الدعم الممثل ب٥٠ دولارا من أصحاب المعارض للنقابة وانا لا أدري لماذا خضت البلد؟!…
جوزف فرح -الديار