حتى الساعة، وأكثر دقة، حتى كتابة هذه السطور، لم تكن رئاسة الحكومة قد تسلمت أي تقرير مكتوب عن المواد المتفجّرة الخطرة التي قيل إنها موجودة في منشآت طرابلس.
هذا ما تؤكده أوساط حكومية لـ”النهار”. وبالتالي، يصبح السؤال المشروع الآن: ماذا حلّ بهذه المواد؟ هل رحلت؟ هل كُشف عليها؟ وماذا عن المسار القضائي والأمني الذي يُفترض أن يتبع؟
القصة ليست جديدة، بل في عام 2021 سرت معلومات عن وجود #مواد خطرة في طرابلس، وعلى الفور كُشف عليها. ومرة أخرى، لم يعلم الرأي العام مسار القضية وماذا كان مصير هذا الملف.
أما بتاريخ 28 آب 2023، أي قبل أقل من عام، فقد تبيّن وجود “مواد كيميائية مختلفة النوع والتصنيف من حيث الخطورة في مصفاة طرابلس، والبعض منها قابل للاشتعال”. هذا ما يؤكده مصدر معني تابع الملف.
قضائياً وأمنياً
مجدداً، وفي مطلع شهر آذار الفائت، عاد الحديث عن تخزين موادّ مشتعلة وخطرة في #منشآت طرابلس النفطيّة، وكأن الملف ينام تارة ليعود ويحرك تارة أخرى.
آنذاك، سارع النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار (الذي كان معيّناً حديثاً) الى تسطير استنابة قضائية، كلّف بموجبها المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، “تنظيم محضر تحقيق عدلي وإجراء التحقيقات بشأن صحة وجود أيّ مواد خطرة أياً يكن نوعها، سواء في منشآت عامة أو خاصة، من شأنها أن تشكل خطراً على السلامة العامة وإجراء الكشوف اللازمة بالتنسيق مع الوزارات والإدارات المعنية”.
هذا ما ورد حرفياً في استنابة الحجار.
وفي المسار القضائي – الأمني الذي يُفترض أن يتبع، كان يفترض أن يعود أمن الدولة بتقرير الى القاضي الحجار، لإجراء المقتضى واتخاذ الإجراءات اللازمة، على أن يصار بالتوازي، الى رفع التقرير الى مجلس الوزراء، كي تقوم الإدارات والوزارات المعنية باللازم. فما الذي جرى؟
حتى الساعة، لا شيء وصل الى رئاسة الحكومة، وفق ما تؤكد المصادر لـ”النهار”.
وفي معلومات ” النهار”، إن الجيش سارع الى إرسال فرق هندسية الى منشآت طرابلس، كما جرى أيضاً في عام 2021، حين سلّط الضوء على الموضوع، والأهم أن الجيش أوصى في تقريره “بترحيل المواد، وبوضع أنظمة لإطفاء الحريق الى حين الترحيل النهائي”.
يعلق مصدر معنيّ: “يُفترض الآن أن تتسلّم الحكومة التقرير لاتخاذ الإجراءات العملية، على أن يُستتبع ذلك بمسار قضائي – تحقيقي لمعرفة من أدخل المواد ومحاسبته”.
ويلفت الى أن “غياب الإجراءات يمكن أن يؤدّي الى حوادث، علماً بأن منشآت طرابلس ليست بعيدة عن أماكن سكنية”.
إدارة المرفأ والطاقة
إن كانت الخطوة الأولى تسليم التقرير الى الحكومة، فماذا عن دور الوزارات المعنية، وفي مقدمها وزارة الطاقة؟
بتاريخ 15/1/2024 أجرت الوزارة مناقصة لتحديد الشركة التي ستتولى ترحيل المواد، لكن دون نتيجة. ثم أعيدت المناقصة بتاريخ 15/2/2024 ومرة أخرى بتاريخ 26/2/2024 إذ لم يتقدّم عدد كافٍ من العارضين.
علماً بأنه قبل عامين، وتحديداً في 22-12-2022، “أجريت مناقصة على شركة Garco الإيطالية وقام وزير الطاقة بكل ما يلزم في هذا الإطار وأعطى الشركة إذناً خاصاً لأخذ عيّنات من حرم المنشآت، وأرسل كتباً إلى الجهات المعنيّة لإطلاعها على سير الأمور. وبعد تلكؤ الشركة المذكورة عن تنفيذ بنود العقد وشروطه، ومنها وأهمها وضع كفالة حسن التنفيذ، أرسلت الوزارة كتباً وإنذارات إلى الشركة المذكورة من دون أن تتجاوب، ما دفع الوزارة إلى فسخ العقد”.
هذا ما عادت وزارة الطاقة وذكّرت به، أخيراً، في محاولة لرفع المسؤولية عنها.
أما المفارقة الكبرى في الملف، فهي إدارة مرفأ طرابلس التي نفت في بيان، بتاريخ 13 آذار الفائت، “نقل أي كمّيات من نيترات الأمونيوم من مرفأ بيروت الى مرفأ طرابلس قبل وقوع الانفجار ما يعني نقل الخطر والكارثة إلى مرفأ طرابلس”، وتابعت أنه “لم يتم نقل أو استقبال أي موادّ خطرة في المرفأ المذكور لا قبل الانفجار ولا بعده، ولا توجد أي أسمدة زراعية مخزنة في المرفأ أيضاً”، من دون أن تشير الى وجود مواد خطرة هناك، بمعزل عما إن كانت نقلت من مرفأ بيروت.
تلك هي الازدواجية التي تحكم ملفاً خطراً بهذا الحجم! فأيّ نهاية ستُكتب له؟ والأهم متى؟
منال شعيا- النهار