حجازي: “سوريا نقطة الإرتكاز”
اعتبر الأمين العام لـ”حزب البعث العربي الاشتراكي” علي يوسف حجازي، أنه “لا يمكن لأحد ومهما علا الصراخ والأصوات ومهما علا الإستهداف لهذه المقاومة أن يصنع ظروفا مختلفة عما نحن فيه الآن، فهذه المقاومة جزء أساسي من تاريخ هذا البلد، وكل هذه الإستهدافات وهذا الحقد لن يؤدي إلى نتيجة لأن المقاومة خيار وهذا الخيار دفع لأجله دماء”.
جاء ذلك خلال احتفال تأبيني في بلدة الرام البقاعية لمناسبة مرور أربعين يوما على رحيل الشاب حسن حسين سليمان نون، بحضور النائب غازي زعيتر، رئيس قسم محافظة بعلبك الهرمل دريد الحلاني، وفاعليات سياسية ودينية وبلدية واختيارية واجتماعية.
وقال حجازي في مستهل كلمته: “لا نستطيع أن نبدأ في زمن فلسطين إلا من فلسطين، لا نستطيع إلا أن نبدأ في قراءة المشهد الذي يصنع تاريخا مختلفا لأمتنا. فهذا التاريخ الذي كتب بالدماء، بالشهداء، بالتضحيات، بالقتال، وبالمقاومة هو الذي يرسم معالم مستقبل أمتنا، والأكيد أنه بالرغم من كل محاولات الضجيج، من كل ما يكتب من محاولات تهدف إلى تغيير حقيقة صنعتها المقاومة على مستوى كل الجبهات. وكانت المحطة الأساسية لها يوم 7 تشرين الأول، حينما اقتحم أبطال فلسطين تلك الحدود المصطنعة مع هذا الكيان الغاصب الزائل. هذه الحقيقة التي تثبت أنه يستحيل لهذا الكيان أن يبقى ويستحيل لهذا الكيان أن يستمر”.
وأضاف، ان “هذا الكيان لا بد أن يزول في تثبيت لمعادلة كنا حين نطلقها نتهم بأننا مجموعة من المجانين، في إسقاط لنظرية حاول أن يسوق لها جمع من المطبعين والمتخاذلين والمتآمرين، بأن المعركة مع هذا العدو مصيرها سيكون الهزيمة، ليأتي يوم 7 تشرين الاول وما سبقه من مسار تاريخي في الصراع العربي الصهيوني وما سيلحقه إلى يوم زوال هذا الكيان، لأؤكد أنه يستحيل لهذا الكيان أن يبقى، ويستحيل لهذا الكيان أن يستمر، وأن مصير هذا الكيان الزوال، وأن فلسطين لا تحمل أرضها هويتين، إنما هوية واحدة هي الهوية العربية الفلسطينية. وأن البقاء هو لأصحاب الأرض، وليس لجمع من القتلة والمجرمين والمتطرفين الذين أتوا بهم من كل أصقاع العالم إلى أرض فلسطين الحبيبة”.
وتابع حجازي، “طبعا هذه المقاومة في فلسطين التي ساندتها جبهات شرف وكرامة وعزة، وأنتجت معادلات أعادت حسابات كثيرين، من اليمن، اليمن العزيز الذي عانى ما عاناه، وها هو اليوم بدل أن يُحاصَر، هو اليوم يضع معادلات الحصار، وهو الذي يشارك في رسم الأفق المتعلق بمعركة رفح حينما يعلن بشكل واضح وصريح أنه في حال فكر هذا العدو أن يدخل إلى رفح سيكون هناك حصار يطال كل السفن المتجهة إلى فلسطين المحتلة. هذا ليس بأمر عادي أو بخبر عابر، هذا يصنع معادلة على مستوى الصراع في المنطقة والعالم”.
وأردف: “لا نغفل العراق العزيز ،هذا العراق الذي انضم إلى جبهة المقاومة، هذا العراق الذي لا يزال منذ 7 تشرين الاول مستمرا في استهداف قواعد الإحتلال الأميركي على أرض العراق وأرض سوريا. وهو يسهم في تعجيل خروج هؤلاء لأنهم باتوا يدركون جيدا أن البقاء في ظل هذه المقاومة وفي ظل إمكانيات هذه المقاومة أمرا مستحيلا. أيضا التحية للجمهورية الإسلامية في إيران ، هذه الدولة العظيمة، التي لها مساهماتها الكبيرة على مستوى دعم وتعزيز وتثبيت خيار المقاومة على مستوى المنطقة، لأنه لولا وجود هذه الجمهورية ولولا دور هذه الجمهورية، ولولا دعمها المستمر”.
وأشار حجازي الى، ان “لولا تحملها كل أعباء وتكاليف دعم المقاومة على مستوى كل حركاتها في المنطقة، فكان الأكيد أن هناك مقاربة مختلفة لقوة وقدرات حركات المقاومة. هذه الجمهورية التي لم تبخل ابدا بتقديم كل الدعم علما أنه كان بإمكانها أن تتخلى عن هذا الخيار، كان من الممكن أن تبرم اتفاقيات وتفاهمات ومساومات لتتخلص من العقوبات وتؤمن لشعبها حياة كريمة بعيدا عن سيف العقوبات المسلط عليها، وأن تتخلى عن راية فلسطين وعن دعم مشروع تحرير فلسطين، والأكيد أن هذا الأمر كان سيدفع قوى الحصار الخارجي لا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا إلى مقاربة تتعلق بالجمهورية الإسلامية في إيراني تختلف تماما عن كل هذه المقاربات”.
واكد، أنه “لا بد من العبور إلى سوريا حينما نتحدث عن المقاومة، فسوريا نقطة الإرتكاز، سوريا العمود الفقري لهذا المشروع ، سوريا التي عبر الدكتور بشار الأسد البارحة في موقف واضح وصريح عن أنه لا يمكن أبدا أن تتخلى سوريا عن ثباتها ورسوخها في قلب مشروع المقاومة، وأن قضية فلسطين ستبقى لسوريا قضية مركزية، وأن دعمها للمقاومة بالنسبة لسوريا يتعزز الآن أكثر من أي وقت مضى بخلاف ما يحاول البعض للأسف أن يروج عن مقاربة مختلفة لسوريا بما يتعلق بموضوع المقاومة وبموضوع فلسطين وبموضوع الصراع العربي الصهيوني . لقد عبر الدكتور بشار الأسد البارحة وبشكل واضح أن سوريا دائما وأبدا في قلب مشروع المقاومة، وأن سوريا ستتمسك أكثر وأكثر بخيار المقاومة”.
واعتبر حجازي، انه لولا هذا التمسك لمحيت هوية ودماء وقضية كل الذين آمنوا بمشروع المقاومة، سوريا تواجه منذ عام 2011 نفس المشروع الذي تواجهه المقاومة في فلسطين والمقاومة في لبنان. لم تكن الحرب على سوريا إلا في إطار استهداف محور المقاومة ومشروع المقاومة وقلب المقاومة. وكان أيضا يمكن لسوريا أن تتخذ خيارات تشبه الخيارات التي عرضت على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتذهب نحو إنهاء للحرب عليها، ونحو انفتاح عليها، ورفع الحصار عنها، ولكن بين خيار الكرامة وخيار المقاومة، وبين خيار الإنبطاح أمام المشروع الأميركي، ها هي سوريا بالرغم من كل الظروف السياسية والاقتصادية والمعيشية تعبر على لسان قائدها بأن خيارها هو خيار المقاومة وليس خيار التنازل أمام الضغوطات وغير الضغوطات”.
ورأى، أن “لبنان بمقاومته العزيزة، لبنان بمقاومته البطلة، لبنان بمقاومته الشريفة، ولبنان بالقوى التي انضمت وتستعد لتنضم إلى جانب حزب الله، لأن واجبنا جميعا كقوى وطنية وعروبية وقومية وإسلامية أن نكون سندا إلى جانب حزب الله في تحمل المسؤوليات التي تحملها طوال عشرات السنوات الماضية، هذه المقاومة التي منعت سقوط لبنان في فخ لائحة العار، هذه المقاومة التي حينما سيذكر التاريخ ستحفظ لنا مكانة متقدمة في لائحة الشرفاء، في لائحة الذين لم يتخاذلوا ولم يتراجعوا ولم يضعفوا ولم يتآمروا ولم يطبعوا، هذه المقاومة التي قدمت حتى الساعة مئات الشهداء في المعركة الأخيرة في إطار تثبيت مفهوم أن فلسطين ليست قضية فلسطينية، وإنما هي قضية عربية محقة، وشرف لنا أن نساند الشعب الفلسطيني، لا أن نكون مجرد متابعين على شاشات التلفزة لنشهد القتل وسفك دماء الشعب الفلسطيني”.
وحول الورقة الفرنسية سأل حجازي: “هل هي ورقة فرنسية أم أنها خطت بقلم فرنسي لأن مضمونها يشبه كثيراً مضمون الطروحات الإسرائيلية الصهيونية، وهنا أذكّر بأنه بعد 7 تشرين الاول كانت فرنسا بموقفها منحازة إلى آلة القتل الإسرائيلية وأن دور فرنسا في موضوع الوساطة بات دورا مشبوها حينما عبرت عن تأييد كامل للسردية الصهيونية، وانحازت بالكامل لنتنياهو ولحكومته وللمستوطنين الصهيانة بعد 7 تشرين الاول، وعبر عن ذلك الرئيس الفرنسي الذي حضر متعاطفا شاجبا مدينا للجريمة بحسب زعمه بحق المستوطنين الصهاينة متناسيا كل الارتكابات التي قام بها هذا العدو، والتي لا يزال العدو حتى اليوم مستمرا بها. فهذه الورقة الفرنسية التي تحاولون تسويق مضامينها كأنها بديل عن القرار 1701، صحيح أننا دبلوماسيا مضطرون أن نتعاطى مع هذا الطرح، لكن وفق قاعدة أنها ليست بديلا عن القرار 1701 بالرغم من كل التحفظات على مضمون هذا القرار”.
وأضاف، “نسأل الذين يهللون ويطبلون للورقة الفرنسية والطروحات الأمريكية، لماذا لا تعزز قدرات الجيش اللبناني عسكريا ولماذا لا يقارب موضوع تسليح الجيش اللبناني لطالما مطلوب من الجيش اللبناني دورا لا يستفزنا أبدا في الجنوب اللبناني، وبموضوع اليونيفل وأنه لا عمل له سوى عندنا، فالخروقات الإسرائيلية المتكررة والإرتكابات الإسرائيلية المتكررة فما هو الجواب عليها؟ وما هو دور اليونيفيل لإيقافها؟ هذا يحتاج إلى نقاش طويل، ولكن الثانب الوحيد إياكم أن تعتقدوا أن هناك وقفا لإطلاق النار في جنوب لبنان، ونحن نصر على مساندة غزة، حتى يتوقف إطلاق آخر رصاصة من المقاومة الفلسطينية في غزة وغير ذلك (روحو وخيطو بغير هالمسلة)، ونحن نعلم أنكم تريديون تشويه صورة المقاومة أمام الشعب الفلسطيني واتهامها بأنها استسلمت”.
وبشأن موضوع النزوح السوري، قال حجازي: “منذ 15 آذار 2011 وحتى اليوم لا تملك الدولة اللبنانية بالرغم من كل البيانات والتصريحات والزيارات والاشتباكات السياسية والخلافات، وكل ما تشاهدونه على مستوى مقاربة النزوح السوري، لا تملك الدولة اللبنانية خطة من بند واحد، وهذه معاناة كل من يقارب ملف النزوح السوري مع الدولة اللبنانية فقط صور ومؤتمرات صحافية وتسول. لبنان لا يملك خطة لإعادة النازحين السوريين لأن الأمريكيين والأوروبيين يمنعوه من التفكير الجدي بمقاربة مبنية على قواعد العودة. إن العودة أولا وأخيرا تحتاج إلى الحديث مع الدولة السورية، وحل ملف النزوح لا يكون ببيانات ارتجال ومرجلة وتهديد ووعيد بل يتطلب نقاشا مباشرا مع الدولة السورية”.