صندوق النقد يشدّ على يد مصرف لبنان في إرجاء إطلاق منصّة “بلومبورغ

في صيف العام 2023، أعلن مصرف  لبنان عن تحضيرات جارية على قدمٍ وساق لإطلاق منصّة “بلومبورغ” بدلاً من منصّة “صيرفة” التي اتُخذ القرار بتعليق العمل بها آنذاك… وهي منصّة خاصة بمصرف  لبنان بالتعاون مع شركة “بلومبورغ” الحاضنة للمنصّة دون أي شيء آخر، حيث تنتقل الأرقام عبر شاشتها.

حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري لا يزال يؤكد تمسّكه بإطلاق منصة “بلومبرغ”، إلا أنه في الاجتماع الأخير مع صندوق النقد الدولي تم التوافق على صعوبة إطلاقها في هذه الظروف الأمنية… لكن معلومات متداولة أضفت جواً من التشكيك في استيعاب صندوق النقد هذا التأجيل، لتُشيع أنه تحفّظ لدرجة الامتعاض على التأخّر في إطلاق المنصّة!

رئيس دائرة الأبحاث الاقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي الدكتور نسيب غبريل يؤكد عبر “المركزية” أنه “لا يمكن تصديق الشائعات أن صندوق النقد أبدى امتعاضه من تأخّر مصرف  لبنان في إطلاق منصّة “بلومبورغ”… هذا الكلام غير دقيق ويفتقد إلى الجديّة والمصداقية”، ويوضح أن “الأوضاع الأمنية حتّمت على مصرف  لبنان تأجيل إطلاق المنصّة، كون العرض والطلب الذي سيحدّد سعر الصرف التزاماً بهدف المنصّة، سيتأثّر طبعاً بغياب الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، لذلك كان قرار التأجيل صائباً في ظل ثبات سعر الصرف منذ تموز الفائت”. 

ويُشير مثنياً في السياق، إلى أن “مصرف لبنان استطاع الحفاظ على استقرار سعر الصرف على رغم الخضات الأمنية المتتالية منذ 2023 حتى اللحظة، ولا يريد اليوم تعريضه لأي خضّات نظراً إلى الوضع الأمني الخطير في الجنوب”.

ويعود إلى تموز 2023، ليذكّر بأن “مصرف لبنان حثّ السلطتين التشريعية والتنفيذية على تطبيق إصلاحات بنيويّة تواكب منصّة “بلومبورغ” كإقرار قانون الـ”كابيتال كونترول” وإقرار الموازنات والقوانين الإصلاحية المتعلقة بالقطاع المصرفي والودائع… كذلك بدأ مصرف  لبنان العمل مع المصارف والصيارفة لإطلاق المنصّة، وإخضاع موظفي المصارف لدورات تدريبية حول كيفية استخدام المنصّة. وكان من المقرّر إطلاقها في تشرين الثاني 2023 أو كانون الأول منه، لكن أحداث 7 تشرين الأول تاريخ اندلاع حرب غزة والاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب، دفعت مصرف  لبنان مضطراً إلى تأجيل إطلاق المنصّة، كونه يفضّل إطلاقها بجوّ من الإصلاح والاستقرار والثقة… فلم يكن المناخ مؤاتياً في ظل الحرب القائمة، مقابل عدم القيام بالإصلاحات المطلوبة باستثناء إقرار موازنة 2024، لكن من دون إقرار قانون الـ”كابيتال كونترول” على سبيل المثال لا الحصر.

ويذكّر غبريل بأن هدف المنصّة:

– أن يصبح العرض والطلب على الدولار هما مَن يحدّدا سعر الصرف في  لبنان، وليس تدخلات مصرف لبنان أو المضاربين في السوق الموازية.

– تحويل الطلب من سوق موازية إلى سوق شفافة متمثلة في منصّة “بلومبورغ”.

– تحديد الجهات الأكثر طلباً على شراء الدولار، وهم المستوردون الكبار. فمن خلال آلية المنصّة كان مصرف  لبنان يريد ربط الطلب على الدولار بوزارة المال والمديرية العامة للجمارك ليستطيع التحديد بدقة، مَن يشتري الدولار وأي مواد تُستَورَد تجنّباً لأي تلاعب في الفواتير، وبالتالي التأكّد من أن كميات الدولار التي يؤمّنها للتجار تذهب في اتجاه استيراد سلع للاستهلاك المحلي.

– الهدف الأساسي هو توحيد سعر الصرف، وذلك عبر حصر هذا الدور بالعرض والطلب لاحقاً، الأمر الذي يتطلب استقراراً وثقة وانطلاق عجلة الإصلاحات.

ويُضيف: لكن للأسف اندلعت حرب غزة والجنوب فرأى مصرف  لبنان مُحِقاً وجوب تأجيل إطلاق المنصّة… الحرب مستمرة ولا نعلم متى ستنتهي. فيما مصرف لبنان ينتظر.

..”التأجيل صائب وقرار التريّث في محله في انتظار تحسّن الأوضاع… فلا صندوق النقد متحفّظاً إذاً على هذا القرار، ولا ممتعضاً”، يختم غبريل.

Exit mobile version