في لبنان… عصابات “بسمنة” وعصابات “بزيت” فهل بات الحقّ “طبخة بَحْص

ممتاز ما حصل على مستوى الكشف عن عصابة “تيك توك” التي فتكت بأطفال، والعمل المتواصل لاستكمال الكشف عن كل الأشخاص المتورّطين فيها.

فالمسألة ليست سهلة، وهي من مستوى استدراج أطفال عبر منصة “تيك توك” لاغتصابهم، ولممارسة أبْشَع وأشنع أنواع الممارسات بحقّهم، وهو ما يستوجب الضرب بيد من فولاذ لإنزال العقاب اللازم بكل من تورّط بتلك الأعمال (تنفيذاً وتخطيطاً)، ولمنع تكرار مثل تلك الجرائم.

مفاتيح الاستقرار المالي

ولكن الكلّ يعلم أن عصابة “تيك توك” تلك، ونوعية ما قامت به، ليست كل الفظائع التي يُعاني منها  لبنان. فهناك عصابات أخرى كثيرة غيرها، نشطت وتنشط في أكثر من فضاء مُظلِم، مع فارق أساسي، وهو أنها بقيَت وتبقى في دائرة العتمة الإعلامية والسياسية والقضائية، لألف سبب وسبب.

من أبرز العصابات التي أذاقت اللبنانيين مُرّ العيش، هي تلك التي تلاعبت بسعر صرف الدولار في السوق السوداء بين خريف عام 2019، وآذار 2023 تقريباً، والتي لا تزال تُمسِك هي بمفاتيح الاستقرار المالي في البلد.

عصابات محميّة؟

فبحسب أكثر من خبير، كان يتوجّب التعامُل مع تلك العصابات منذ تشرين الأول 2019 بأقصى حدّ، وملاحقة “بنيتها التحتية” المحلية والخارجية بجهود يومية، الى حين تحقيق هدف اجتثاثها.

بينما ما حصل كان مُعاكِساً تماماً، إذ راحت الليرة  اللبنانية تتدهور، بموازاة تدهور الدولة  اللبنانية معها، وصولاً الى حدّ “طاعة” الدولة نفسها لآخر ما توصّلت إليه أرقام السوق السوداء من استقرار.

فلماذا لدينا عصابات “بسمنة” وأخرى “بزيت” في هذا البلد؟

التمييز…

أكد رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر “وجوب التمييز بين نوع الجرائم. فهناك جرائم مالية تقع ضمن خانة ما يسمّى بـ criminels en col blanc، وهم الأشخاص الذين يقومون بجرائم مالية، والذين من الممكن أن يتوفّر لديهم من يغطّيهم في ما يقومون به على المستوى السياسي، كشخصيات سياسية مثلاً قد تكون غارقة بهذا النوع من الممارسات، والتي قد تمنح الغطاء لمن يفعلها. وأما في حالة عصابة “تيك توك”، فهي قامت بجرم أخلاقي لا يوجد من يجرؤ على القول إنه يريد تغطية فلان أو فلان فيها”.

ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “الجرائم المالية قد تحتمل تدخلات الجماعات السياسية، التي من الممكن أن تكون متورّطة فيها أيضاً. ولكن بالجرائم الأخلاقية، يطلب الجميع “السّترة”، الى درجة تصل الى حدّ الكشف عن أي سياسي إذا كان متورّطاً فيها. وهو لن يجد من يقبل بأن يغطّيه في تلك الحالة، من حيث المبدأ”.

سرية التحقيق

وأشار صادر الى أن “التحقيق في جرائم عصابة “تيك توك” لا يزال قائماً، وهو بين أيدي مخابرات الجيش وقوى الأمن الداخلي المكلّفة بملاحقة أفراد تلك العصابة وإلقاء القبض عليهم. ففي كل يوم يتبيّن أن هناك أموراً جديدة. وتقتضي سرية التحقيق أن لا تُفضَح الأمور، وأن لا تحصل توقيفات عشوائية. وهذه نقطة مهمّة جدّاً”.

وختم:”ما قامت به عصابة “تيك توك” يقع تحت خانة الجرائم الشائنة، وهي جنايات ترتبط باغتصاب البراءة. ومن الصعب جدّاً لمن يقومون بتلك الأعمال أن يجدوا من يقبل بأن يغطّيهم”.

أنطون الفتى – وكالة “أخبار اليوم”

Exit mobile version