هبة المليار والنزوح: مسؤولون هُدّدوا بالعقوبات

استنجد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي برئيس مجلس النواب نبيه بري ليردّ عنه تكتل قوى سياسية وازنة رافضة للسياسة التي يعتمدها في ملف النزوح السوري. لذا ليس من المستغرب أن تتحوّل الجلسة النيابية التي أرادها لتغطية هبة المليار يورو إلى مناسبة لجلد الحكومة وميقاتي نفسه، خصوصا أن القوى المسيحية متوحدّة، لو عرضاً، على رفض المقاربة الحكومية التي تعتبرها تغطية أقرب الى التواطؤ مع الخارج لتحسين أوضاع النازحين ماليا وتحصينهم سياسيا لقاء تخليهم عن فكرة الهجرة إلى أوروبا وتقبّل مدّ إقامتهم في  لبنان.
ولا ريب أن هبة المليار وشروطها، المعلن منها والخفي، تعزز الاعتقاد بأن أوروبا على وجه الخصوص تبذل قصارى جهدها لإبقاء  لبنان حاضنة للنازحين، عن طريق دمجهم تدريجيا وصولا إلى فرض توطين الأمر الواقع، إلى جانب أن كلفة إبقائهم في لبنان لا تزيد عن ١٠٠ يورو في الشهر مقابل ٢٠٠٠ يورو في حال تقرر استقبالهم في أوروبا.


ويُرتقب أن تقدّم الحكومة في جلسة ١٥ أيار جردة بالهبة وآلياتها التنفيذية، لكن الأهم كيفية توزيعها. ففيما يقول ميقاتي أن مجموع الهبة مُخصّص حصرا للبنانيين، تُبيّن المعطيات الرسمية الصادرة عن المفوضية الأوروبية والحكومة القبرصية أن نحو ثلثيّ الهبة، وتحديدا ٧٦٣ مليون يورو ستذهب إلى النازحين السوريين والفئات المهمشة، في موازاة ٢٠٠ مليون يورو لدعم الأجهزة الأمنية في فرض مراقبة الحدود والهجرة، ومبلغ غير محدد من أجل إقناع الصيادين بعدم بيع مراكبهم.

من الواضح، تأسيسا على هذا التوزيع، أن الهدف الأول للأوروبيين تحسين أحوال النازحين ماديا عبر إغداق المساعدات عليهم كي يرتضوا البقاء في  لبنان، مع تحديد مهمة واضحة للقوى الأمنية قائمة على منع الهجرة من البحر، وهي المعادلة القائمة راهنا والتي أدت إلى إغراق البر  اللبناني بالنازحين مقابل إقفال أي منفذ بحري إلى أوروبا.
وليس خافيا أن مسؤولين لبنانيين باتوا يعيشون تحت وطأة التهديد بالعقوبات وبالمسّ بمصالحهم الخاصة وبأعمالهم التجارية والمالية في حال انتهجوا مسارا آخر أو مقاربة مغايرة للرؤية الأوروبية في ملف النازحين.  الحدث – ميرا جزيني

Exit mobile version