لا يكفي أنّ النظام السوري، كان أساس طوفان النزوح السوري الذي أغرق لبنان بمليوني نازح، فها هو اليوم يتدخل بصورة سافرة في التحرك الرسمي اللبناني لمعالجة هذا الملف. وقد أتت الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد قبل أيام الى وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب لتكشف أنّ دمشق ما زالت تتعامل مع الحكم اللبناني، كما كان الحال في زمن الوصاية. ودعا المقداد بو حبيب في رسالته الى عدم تقديم «تعهّدات» في مؤتمر بروكسل هذا الشهر، المخصص للنزوح السوري من دون «التنسيق مع الحكومة السورية». وبرّر المقداد إملاءات نظامه على لبنان بما سمّاه «التغييب المتعمّد» لنظام الأسد عن المؤتمر الأوروبي.
وفي سياق متصل، ذكرت معلومات أنّه على هامش مؤتمر القمة العربي في دورته الـ33 في المنامة في البحرين الخميس المقبل، سيعقد لقاء بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والوفد السوري المرافق للرئيس الأسد. وأثارت هذه المعلومات تساؤلات عن «التعليمات» التي سيقدمها وفد الأسد لميقاتي قبيل مؤتمر بروكسل.
وعلى أي حال، علم أن الرئيس ميقاتي تراجع عن المشاركة بمؤتمر بروكسل مفضلاً تجنب «وجع الراس».
ومن إملاءات الأسد الى التحضيرات الجارية لعقد الجلسة النيابية بعد غد الأربعاء، فقد علمت «نداء الوطن» أنّ التواصل جارٍ على قدم وساق بين جميع الكتل كي يتجاوز الكلام في الجلسة موضوع «هبة الميار يورو» المثيرة للجدل، الى حد وصفها بأنها «رشوة» قدمها الاتحاد الأوروبي الى لبنان كي يبقي النازحين السوريين على أرضه. وأوضحت مصادر واسعة الاطلاع أنّ الاتصالات الجارية أظهرت أنّ الهبة هي «مسألة تفصيلية وتقنية بعدما تبيّن أنها ليست موجهة للنازحين، بل هي مساعدات للقوى الأمنية والعسكرية». وقال إنّ «خطأ ميقاتي أنه لم يوضح منذ اللحظة الأولى الهدف من هذه الهبة». واستدركت المصادر قائلة إنه «لن يكون هناك أي توافق على أي هبة بمليار أو مليارات يبيع من خلالها الشعب اللبناني أرضه وبلده».
وأشارت الى أنّ هناك «محاولة للانتقال بالبحث في جلسة الأربعاء من هبة المليار التي ستعتبر نوعاً من حق للبنان، الى صدور توصيات عن مجلس النواب للخروج بموقف وطني عام يركّز على أنّ قضية النازحين ليست قضية طائفية أو مناطقية أو حزبية، بل هي قضية وطنية، وأنه لا يجوز استمرار النزوح السوري في لبنان، إذ اصبح يشكل خطراً وجودياً».
ولفتت الى أنّ هناك «طموحاً أن تتسم الجلسة بطابع وطني تظهر خلالها مكوّنات المجلس، على الرغم من انقسامها العمودي حول أكثر من ملف يبدأ بسلاح «حزب الله» ولا ينتهي برئاسة الجمهورية، فتظهر في لحظات نادرة على انها متوافقة على عدم استمرار النزوح السوري وترحيل النازحين غير الشرعيين وعدم الخضوع لأية إرادة دولية على حساب المصلحة الوطنية اللبنانية العليا».
وخلصت المصادر الى التأكيد على «المساعي لتحويل الجلسة من تقنية الى جلسة توصيات وطنية تؤدي الى تفكيك قنبلة النازحين الموقوتة».