ينتظر لبنان ازمة جديدة تضاف الى ازماته الكثيرة، وهي موضوع تمويل وجود النازحين الفلسطينيين في لبنان، الذين فُرض عليهم المجيء اليه قسراً، بعد ان طردتهم من بلادهم العصابات الصهيونية التي اغتصبت فلسطين في العام 1948، وصودف يوم 15 ايار الجاري ذكرى النكبة الفلسطينية، وما زال الفلسطينيون ينتظرون عودتهم الى فلسطين، وقد اعطتهم الامم المتحدة حق العودة من خلال قرارها 194، لكن ومنذ 75 عاماً والفلسطينيون يعيشون في الشتات في الاردن وسوريا ولبنان، الذي يضم 11 مخيماً للفلسطينيين ويبلغ عددهم نحو 350 الفاً، فانشأت لهم الامم المتحدة منظمة تعنى بهم في اماكن نزوحهم تحت اسم “وكالة الامم المتحدة، لاغاثة وتشغيل لاجئي فلسطيني في الشرق الادنى”.
هذه المنظمة التي يطلق عليها اختصاراً اسم “الاونروا” تتمول من دول اعضاء في الامم المتحدة، بموازنة سنوية بلغت مؤخراً نحو 65 مليون دولار، وهي تصرف على برامج للتربية والصحة والمساعدات العينية وخدمات وبنى تحتية، وتوظف فلسطينيين في المؤسسات التابعة لها. وبدأت منذ سنوات تتراجع اعمال “الاونروا” بسبب شح التمويل، وظهرت الازمة المالية منذ سنوات مع تخلي دول عن واجباتها تجاه “وكالة غوث اللاجئين”، وعزا مسؤولون فيها ذلك الى أن نحو 16 دولة اوقفت دعمها المالي مما اثر في مداخيل “الاونروا”، واضطرها الى اسلوب “التقشف” وتضاؤل الخدمات وصرف موظفين، وفق مصدر اممي، الذي كشف عن ان شح السيولة المالية مستمر في ظل الحروب المندلعة في اكثر من منطقة في العالم، وهذا ما دفع بدول كانت تمول “وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين” الى التوقف عن ذلك، لا سيما بعد الحرب الروسية ـ الاوكرانية، والحرب في السودان.
وفي هذا الاطار، تحرك مكتب “الاونروا” في لبنان باتجاه المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين لابلاغهم بان احتمال وقف اعمال “الاونروا” في لبنان كما في دول اخرى بات واردًا، وسيكون شهر حزيران هو نهاية تنفيذ البرامج التي تقوم بها الوكالة اذا استمر شح التمويل، ولم تقم بعض الدول بالتراجع عن وقف التمويل، وتجري الامم المتحدة اتصالات بهذه الدول لتعود عن قرارها، واستجابت بعض الدول لكن تمويلها لا يكفي، اذ ان 94% منه يأتي من دول اساسية اعضاء في المنظمة الدولية، التي اجتمعت مديرتها في لبنان دوروثي كلاوس مع “لجنة الشؤون الخارجية النيابية” برئاسة النائب فادي علامة، وابلغت اعضاءها بالتطورات والاجراءات داخل “الاونروا”، حيث عرضت على اللجنة النيابية للشؤون الخارجية ما صدر عن الامم المتحدة بشأن “وكالة غوث وتشغيل للاجئين الفلسطينيين”، فقدمت تقريراً تضمن ثماني توصيات تعتمد على خمسين نقطة.
وفي هذا الاطار، كشف النائب علامة يكشف لـ “الديار” عما جرى في الاجتماع، وما نقلته كلاوس التي اشارت الى تشكيل لجنتين في الامم المتحدة لمتابعة موضوع “الاونروا” التي تعاني من ازمة مالية وتسعى الى اصلاح هيكلها، بعد ان اصبحت مؤسسة كبيرة لديها آلاف الموظفين غالبيتهم من الفلسطينيين، حيث اقرت المنظمة احتمال استخدام موظفين غير فلسطينيين داخلها وفي مكاتبها.
وصُدمت “لجنة الشؤون الخارجية” من التقرير الذي يرى علامة صعوبة في تطبيق التوصيات في مكاتب “الاونروا” وتحديداً في مكتب لبنان، حيث تأتي هذه التوصية متجاوبة مع ما اتهم فيه العدو الاسرائيلي موظفين في “الاونروا” بالمشاركة في عملية طوفان الاقصى في 7 تشرين الاول الماضي في غلاف غزة.
من هنا، فان علامة يعتبر توصيات “الاونروا” سياسية، وان تراجع التمويل من بعض الدول، ومنذ فترة بعيدة سبقت عملية حركة “حماس” ، يتماشى مع ما يهدف اليه العدو الاسرائيلي وهو الغاء “الاونروا” كلياً، والسعي الى افقار وتجويع الفلسطينيين كي يرحلوا ويهاجروا من بلدان النزوح، في تطبيق لرفض حق العودة، تحت شعار “النزوح الاقتصادي” والغاء هويتهم.
وما خلص اليه اجتماع “لجنة الخارجية” في مجلس النواب، يشير الى ان لبنان امام موضوع خطر وهو “النزوح الفلسطيني، الذي عانى منه لبنان وما زال لا سيما امنياً، وان وقف تمويل “الاونروا” سيفرض واقعاً جديداً يتعلق بدفع نفقات التعليم والصحة والخدمات العامة، لا سيما الكهرباء والمياه، حيث توقفت “الاونروا” عن دفع ما يترتب على المخيمات من اموال للكهرباء ، خصوصا مع ازمة خفض انتاج الطاقة الكهربائية.
وقررت اللجنة متابعة ملف النزوح الفلسطيني مع الحكومة، التي عليها ان تنقل ازمة التمويل الى الامم المتحدة، وستجري اللجنة برئاسة علامة اتصالات ولقاءات مع السفراء المعنيين بتمويل “الاونروا”، لان لبنان لا يمكنه تحمل اعباء مالية جديدة، وقد كلفه النزوح السوري حوالى 45 مليار دولار على مدى 13 عاماً.
وهناك من يخشى ان يكون وقف تمويل “الاونروا” من ضمن خطة مع رفض الامم المتحدة تطبيق قرارها بعودتهم، والضغط المالي بعدم التمويل سيطرح اسئلة حول مستقبل الوجود الفلسطيني في لبنان.
كمال ذبيان-الديار